الثلاثاء، 30 أبريل 2019

الأيدى المصرية التى أقامت وعمرت الدكتـور / الكاتب / الشاعــــــــــر فــــــــــوزى فهمــــــــــى محمــــــــد غنيــــــــم

الأيدى المصرية التى أقامت وعمرت

     اذا مررت سريعا بصفحات التاريخ ووصلت الى عالم اليوم ، فستجد انها هى الايدى المصرية التى أقامت وعمرت هذه الاحياء والصفوف من العمائر الحديثة .. ومن البيوت الانيقة .. التى نراها الان فى الكويت وفى الامارات وفى ارجاء كثيرة فى العالم العربى حيث تقف علامات بارزة على العمران والتقدم والرخاء .       واذا ذهبت الى استنبول وطفت بمساجدها الباذخة القائمة على ضفة البوسفور ، والمنتشرة فى أرجاء المدينة مطلة بمآذنها المتعالية الى السماء .. واذا دخلت مسجد السليمانية أو مسجد السلطان احمد ، أو مسجد القبة الزرقاء وراعتك وبهرتك روعة العمارة وهيبة البناء ودقة الفن وجماله .. فاعرف ان الايدى ( المصــرية ) هى التى عملت فى بناء هذه المساجد ، والمآذن ، والمنابر ، والمحاريب ، بكل ما حملته هذه الايدى من مهارة وخبرة ودقة وذوق عظيم . واذا شرقت وذهبت الى الهند وزرت مدينة أجرا ورأيت ضريح تاج محل فى النهار حينما تسطح الشمس على قبابه ، أو فى الليل حين تنعكس صورة البناء الرائع على صفحة النهر الهادىء .. وعندما تدخل هذا الضريح الهائل فتقرأ على جدرانه آيات من القرآن الكريم محفورة فى المرمر ، وتحيط بها الزهور بالوان شتى زاهية ، مرسومة بقطع من المرمر بلون الزهور والاغصان .. فاعرف ان الايدى ( المصــرية ) هى التى عملت فى بناء هذا الضريح الرائع مثلما عملت فى اقامة المساجد والمآذن والاضرحة فى دلهى وأجرا وحيثما قام الحكم الاسلامى فى أرجاء الهنـد . واذا طفت بكل ما حولنا من بلاد ، من فارس شرقا الى تونس غربا ، ورأيت روائع الفن الاسلامى من مساجد ومآذن .. ومن أضرحة وقباب .. وأيضا من قصور السلاطين والامراء ، وما حوت من أثاث وآنية ومتاع .. فأعرف ان هذه الايدى ( المصــرية ) قد عملت فى اقامة وصناعة هذه الروائع .. وانها حملت الى أرجاء العالم الاسلامى شرقا وغربا كل ما اكتسبته واختزنته على مر الادهار من خبرة ومهارة وذوق فى ابداع الحضارة . انها ليست ايدى المصريين فحسب ، ولكنها ايضا عقول المصريين ، وما تحمل هذه وتلك من مهارة موروثة ، ومن علم وخبرة ، ومن فن وذوق .. فلم يعد دور ( مصــر ) فى عصرنا هذا مقصورا على دورها القديم فى بناء العمائر والقصور والبيوت .. ولكنها تسهم فى بناء الانسان حضاريا ، فى المدارس والجامعات .. وفى قوانين الدولة واجهزة الحكومة .. وفى حياة الناس وتقدمهم ورفاهيتهم .. وتسهم فى تغيير وجه الحياة فى كل نحو من الانحاء : من بداوة الى حضارة ، ومن مهنة الكر والفر ، أو مهنة الرعى والصيد ، الى حرف العمل ، والانتاج ، وتهيئة الحياة المتحضرة والمترفة . انها ( العمالــة المصــرية ) كما يسمونها هذه الايام ، أو هى ( صناعة الحضارة ) كما يرويها التاريخ  .

           الدكتـور   /  الكاتب / الشاعــــــــــر
  فــــــــــوزى فهمــــــــــى محمــــــــد غنيــــــــم
     Fawzyfahmymohamed@yahoo.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق