الأربعاء، 17 أبريل 2019

القعقاع بن عمرو التميمي «لن يهزم جيش فيه القعقاع» ـــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي

القعقاع بن عمرو التميمي «لن يهزم جيش فيه القعقاع»
ـــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي 10-4-2019
في التاريخ العسكري، كل قائد حرب له مفتاح شخصية، وإن مفتاح شخصية القعقاع (الحيلة) مع كل ميزات القيادة الناجحة. وأن أهم ميزة للمسلمين في حروبهم مع أعدائهم: الشهامة والشرف، وإن أهم ميزة للكفار في حروبهم مع المسلمين الغدر والنذالة وقلة الشرف. لقد كان القعقاع بن عمرو التميمي داهية الأبطال وبطل الدهاة
القعقاع بن عمرو بن مالك التميمي : صحابي وفارس وشاعر وقائد مسلم، وبطل عربي مشهور، شهد حروب الردة والفتوحات الإسلامية وله بلاء عظيم في معركة القادسية واليرموك وغيرهما من معارك المسلمين، ظهرت ملامح شخصيته بوضوح شديد في الفتوحات فقد كان شجاعاً مقداماً ثابتاً في أرض المعارك وبجوار شجاعته وشدة بأسه على الأعداء كان شديد الذكاء وذا حنكة عسكرية في إدارة المعارك وظهر ذلك في معركة القادسية ، ولا يختلف المؤرخين على فروسيته وبطولاته.القعقاع بن عمرو بن مالك التميمي اشتهر في كتب التاريخ بفروسيته التي لا توصف، وشجاعته في ميادين الجهاد، وشخصيته القيادية القوية، حتى روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال عنه: لصوت القعقاع بن عمرو في الجيش خير من ألف رجل.
كما روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال أيضا : لا يهزم جيش فيه مثل هذا.
وقد كتب عمر بن الخطاب إلى سعد بن أبي وقاص : أيّ فارس كان أفرس في القادسيّة؟ فكتب إليه: إني لم أر مثل القعقاع بن عمرو، حمل في يوم ثلاثين حملة، يقتل في كل حملة بطلا.
اختلف في كونه صحابي أو لا، ولكن ثبت أنه البطل المشهور، ولم تثبت صحبته من طريق صحيحة. ويقال إنه من الصحابة، لذلك ذكره في الصحابة ابن قانع في كتاب معجم الصحابة (2/367)، وابن عبد البر في "الاستيعاب" (3/1283)، وابن الأثير في "أسد الغابة" (4/109)، وابن حجر في "الإصابة" (5/342) ذكره في القسم الأول، وَهُم: "من وردت صحبته بطريق الرواية عنه، أو عن غيره، سواء كانت الطريق صحيحة، أو حسنة، أو ضعيفة، أو وقع ذكره بما يدل على الصحبة بأي طريق كان" انتهى.ولكن ذلك لم يثبت بالدليل الصحيح، فقد استُدل على صحبته بحديثين لا يثبتان:
الحديث الأول: روي عنه أنه قال: قال لي رسول الله صلّى اللَّه عليه وسلم:
(ما أعددت للجهاد؟ قلت: طاعة اللَّه ورسوله، والخيل. قال: تلك الغاية).
الحديث الثاني: كما روي عنه أنه قال:
(شهدت وفاة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم، فلما صلينا الظهر جاء رجل حتى قام في المسجد، فأخبر بعضهم أن الأنصار قد أجمعوا أن يولوا سعدا - يعني ابن عبادة - ويتركوا عهد رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وآله وسلم، فاستوحش المهاجرون ذلك). رواه ابن السكن – كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الإصابة" -. وكلا هاتين الروايتين في إسنادها سيف بن عمر الضبي التميمي، وهو في ميزان المحدثين من الضعفاء، بل قال أبو داود: ليس بشيء. وقال ابن عدي: عامة حديثه منكر. وقال أبو حاتم : متروك. وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. لذلك قال ابن أبي حاتم رحمه الله: " قعقاع بن عمرو قال: شهدت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه سيف بن عمر عن عمرو بن تمام، عن أبيه عنه، وسيف متروك الحديث، فبطل الحديث، وإنما كتبنا ذكر ذلك للمعرفة" .
القعقاع وحروب الردة
ـــــــــــــــــــــــ كان للقعقاع بن عمرو رضي الله عنه دور كبير في حروب الردة، فقد أرسله أبو بكر الصديق رضي الله عنه للأغارة على علقمة بن علاثة العامري وكان أسلم ثم ارتد عن الإسلام في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد وفاته عسكر علقمة في بني كعب يريد غزو المدينة المنورة فبلغ ذلك الصديق فبعث إليه سرية بقيادة القعقاع بن عمرو ويقال القعقاع بن سور وقال له «ياقعقاع سر حتى تغير على علقمة بن علاثة، لعلك أن تأخذه لي أو تقتله، واعلم أن شفاء الشق الحوص، فاصنع ما عندك»، فخرج القعقاع على رأس هذه السرية، وكان علقمة مستعدا دائما، وعندما أقبلت عليه سرية القعقاع على الماء الذي ينزله علقمة هرب على فرسه ولم يستطع أحد اللحاق به، فأخذ القعقاع أهله وولده وقدم بهم على أبي بكر الصديق في المدينة وأنكر أهل علقمة وولده أنهم على حاله في الردة وقالوا لأبي بكر ماذنبنا فيما صنع علقمة؟ فقبل منهم وأرسلهم، وقد أسلم علقمة بعد ذلك فقبل منه أبو بكر الصديق أسلامه وعفا عنه.
القعقاع والفتوحات الإسلامية في العراق
ــــــــــــــــــــــــ بعد أن انتهى خالد بن الوليد رضي الله عنه من قتال مسيلمة الكذاب، أتاه كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه يأمره بالتوجه إلى العراق، وبعد وصول الرسالة قرأها خالد على جنده، فرجع أكثر الجيش ولم يبقَ معه إلى القليل، فطلب خالد المدد من أبي بكر فأمده برجل واحد وهو القعقاع بن عمرو فتعجب الصحابة من ذلك وقالوا لأبي بكر: أتمد رجلاً قد انفض عنه جنوده برجل واحد؟ فقال لهم «لايهزم جيش فيه مثل هذا».
معركة اليرموك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ ينتقل القعقاع بن عمرو رضي الله عنه بصُحْبة خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى الشام لحرب الروم، وفي اليرموك كان اللقاء الأوَّل، وكالعادة كان القعقاع بن عمرو في قلب الجيش بجوار خالد الذي كان قد أعادَ تنظيمَ الجيش، وجعَلَ القيادة بالتناوب بينه وبين باقي القادة، وتولَّى هو القيادة في اليوم الأول، والذي انتهى بانتصار كاسحٍ للمسلمين على الروم.وينتقل أبو بكر الصديق إلى جوار ربِّه، ويتولَّى الفاروق عمر بن الخطاب الخلافة، فيكون أوَّل قرارٍ له عزْل خالد بن الوليد وتوْلِية أبي عبيدة بن الجراح على قيادة جيوش المسلمين، في حين يظلُّ خالد بن الوليد قائدًا على الجيش الذي قَدِم به من العراق.
بعض كلماته وشعره
ـــــــــــــــــــــــــ شهد القعقاع معركة اليرموك، فقد كان على كُرْدوسٍ من كراديس أهل العراق يوم اليرموك، وكان للقعقاع في كل موقعة شعر فقد قال يوم اليرموك:
ألَمْ تَرَنَا على اليرموك فُزنا كما فُزنـا بأيام العراق
فتحنا قبلها بُصـرى وكانتْ محرّمة الجناب لدَى البُعاق
وعذراء المدائـن قد فتحنا ومَرْجَ الصُّفَّرين على العِتَاقِ
فضضنا جمعَهم لمّا استحالوا على الواقوص بالبتر الرّقاقِ
قتلنا الروم حتى ما تُساوي على اليرموك ثفْروق الوِراقِ
فتح دمشق
ـــــــــــــــــــ ثم تتحرَّك جيوش المسلمين؛ لفتح دمشق التي تحصَّنتْ حاميتُها داخل أسوارها المنيعة، وتقف الجيوش الإسلامية عاجزةً عن اقتحام دمشق، حتى تفتَّقَ ذِهْنُ القعقاع عن حلٍّ جريء، وهو أن تتولَّى مجموعة من المسلمين تسلُّقَ الأسوار وفتْحَ أبوابها من الداخل، ويوافق خالد بن الوليد على هذه العمليَّة الجريئة غير المسبوقة، بل ويقوم بالتنفيذ خالد بن الوليد نفسُه ومعه القعقاع بن عمرو، ومذعور بن عَدي العجلي، وأمثالهم من الأبطال الأشدَّاء، وكانت التعليمات لسائر الجيش: “إذا سمعتُم تكبيرَنا على السور فارْقَوا إلينا، وانهدوا للباب”
ويُعْبرُ الأبطال الخندق المحيط بالسور والمغمور بالمياه سباحةً، ويقذفوا بأوهاق الحبال حتى اشْتَبَك منها وهقان بأعلى السور وثَبَتا فيه، فتسلَّق عليهما القعقاع بن عمرو، ومذعور بن عدي، ومعهما باقي سلالم الحبال، فأثبتاها جميعًا بأعلى السور، وكان هذا المكان الذي اقتحموا منه أحصنَ موقعٍ بدمشق كلِّها؛ أكثره ماءً، وأعرضه خندقًا، وأشده مدخلاً، ويعتلي خالد بن الوليد رضي الله عنه السور مع باقي رجاله، ليكبِّروا جميعًا بصوت رجلٍ واحد؛ ليعبرَ باقي جيش خالد الخندقَ، ويتدافعون نحو سلالم الحبال يتسلَّقونها، ويتكاثرون حول باب الحِصْن الشرقي الذي نَجَحَ خالد بن الوليد والقعقاع بن عمرو رضي الله عنهما في فتْحِه بعد قتال مرير، فلم يجدْ أهلُ دمشق بُدًّا من الاستسلام وطلبِ الصُّلْح.
معركة الأبلة أو ذات السلاسل سنة 12 هـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ وهي بداية معارك المسلمين في العراق، سار خالد بن الوليد ومعه المدد الذي أرسله له أبو بكر الصديق وهو القعقاع بن عمرو، وانضم لهم المثنى بن حارثة الشيباني فكان مجموع الجيش ثمانية عشر ألف مقاتل، فأرسل خالد رسالة إلى هرمز يدعوه فيها إلى الإسلام أو الجزية أو القتال، فلما قدم الكتاب على هرمز جمع جموع جيشهم وخرج مسرعا بهم إلى كاظمة، وكان هرمز قد اتفق مع بعض جنوده على الغدر بخالد وقتله عند المبارزة ليكسر شوكة المسلمين، فخرج إليه خالد وهجم على هرمز واحتضنه، وفي تلك اللحظة خرجت المجموعة الفارسية التي اتفق معهم هرمز وهجموا على خالد وهو مشتبك مع هرمز وأحاطوا به من كل جانب، فخرج إليهم القعقاع بسرعة كبيرة، وحسن تقدير، وأزاح هذه الحامية عن خالد بن الوليد، وكان خروج القعقاع إيذانا ببدء القتال بين الطرفين، ولم يجد المسلمون صعوبة في التغلب على الجيش الفارسي الذي تحطمت نفسيته بمقتل قائدهم هرمز.
فتح الحيرة
ــــــــــــــــــــــــــ كان القعقاع بن عمرو مع الجيش المحارب للحيرة وشهد فتحها، بعدها قرر خالد الخروج للأنبار وكان فيها حامية فارسية، واستخلف القعقاع بن عمرو على الحيرة، وقد كان موضع ثقة لخالد بن الوليد فخرج خالد إلى الأنبار وعين التمر وأستطاع فتحهما، ثم توجه إلى دومة الجندل مدد لعياض بن غنم، فطمع الفرس بالإغارة على المسلمين.
معركة الحصيد سنة 13 هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ كما شارك القعقاع بن عمرو التميمي في معركة الحصيد وكان قائد المسلمين في هذه المعركة وأوقع بالفرس وقتل روزمهر وروزبه قادة الفرس ومن معهم من تغلب وربيعة
معركة المصيخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ وصلت أخبار انتصار المسلمين إلى خالد بن الوليد في معركة الحصيد وكان في عين التمر، فرأى خالد المسير إلى المصيخ لملاقاة الهذيل بن عمران التغلبي ومن معه من نصارى العرب وكان قد اتفق خالد مع أربعة من قادته أن يسيروا إلى المصيخ ويلتقون هناك وكان أحدهم القعقاع بن عمرو، فلما وصلوا جميعا أغارو على الهذيل ومن معه من ثلاث جهات، وقتلوا منهم خلقا كثيرا، واستطاع الهذيل الهرب بنفر قليل، وقد وصف القعقاع هذه الغارة مفتخرا بما حققه المسلمون من انتصار كبير:
سائل بنا يوم المصيّخ تغلبا وهل عالم شيئا وآخر جاهل
طرقناهم فيه طروقا فأصبحوا أحاديث في أفناء تلك القبائل
وفيهم إياد والنمور وكلهم أصاخ لما قد عزّهم للزلازل
معركة الفراض
ـــــــــــــــــــــ مشى خالد بن الوليد ومن معه من المسلمين وعلى رأسهم القعقاع بن عمرو إلى الفراض وهي على الحدود بين فارس والروم لقتال من تجمع فيها من الفرس والروم ونصارى العرب، واستطاع المسلمون الانتصار عليهم وقتل أعداد كبيرة منهم. وقال القعقاع يصف موقعة الفراض:
لَقينا بالفِراض جموعَ رُومٍ وفُرس غَمّها طولُ الَسلام
أبَدْنا جَمعَهُم لَما التَقينا وبَيَتّنا بجمع بني رزام
فما فـتـئت جنودُ السلم حتى رأينا القوم كالغنم الَسّوام
معركة القادسية ودور القعقاع بن عمرو فيها
ـــــــــــــــــــــــــــــــ كان للقعقاع بن عمرو في معركة القادسية دور كبير وبارز، وابتكر خططا حربية كان لها أثر في هزيمة الفرس، فقد قدم القعقاع على المسلمين من الشام في اليوم الثاني من أيام القادسية وهو يوم أغواث، وعمد عند وصوله إلى تقسيم جيشه إلى أعشار لإيهام الفرس أن جموع كثيرة وصلت معه، فكان هذا كفيل بتحطيم عزائم الجيش الفارسي. يقول ابن عبد البر «كان للقعقاع وأخيه عاصم البلاء الجميل والمقامات المحمودة في القادسية » ويقول ابن عساكر «كان القعقاع هو الذي فتح على الناس، ورمى مشافر الفيلة يوم القادسية ، فلما خرقها ارتعدت».
ويقول ابن الأثير «للقعقاع أثر عظيم في قتال الفرس في القادسية وغيرها، وكان من أشجع الناس وأعظمهم بلاء». أما الأبشيهي فيقول «القعقاع بن عمرو طاعن الفيل في عشية القادسية رضي الله عنه». ويقول ابن حجر «للقعقاع في قتال الفرس بالقادسية وغيرها بلاء عظيم».
يوم أغواث
ــــــــــــــــــــــــ وهو اليوم الثاني من أيام معركة القادسية، وفي هذا اليوم تجلت بطولة القعقاع بن عمرو بعد وصوله أرض المعركة، فبينما كان المسلمون مستعدين لقتال عدوهم، طلعت عليهم نواصي الخيل القادمة من الشام، والتي كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بصرفها من الشام إلى العراق، وكانت تقدر بستة ألاف مقاتل، بقيادة هاشم بن عتبة وعلى مقدمتهم القعقاع بن عمرو، وقد أحس القعقاع بحاجة جند المسلمين في القادسية إلى المدد، فتعجل هو ومن معه وعددهم ألف فارس، فطووا المسافة قبل عامة الجيش، فوصل ورجاله في الوقت المناسب، في صباح يوم أغواث، فكانت بداية حسنة وجيدة للمسلمين، استبشروا بها خيرا، ورفعت معنوياتهم بعد يوم متعب وصعب وهو يوم أرماث، وقد عمد القعقاع إلى أسلوب تكتيكي رائع قبل وصوله، واخترع شكلا من أشكال الفن العسكري في المعارك، حيث قسم القعقاع فرسانه الألف إلى عشرة عشرة، وعهد إليهم أن يتوافدوا إلى أرض المعركة كل عشرة على حدا، وأن لاتتحرك المجموعة الأخرى حتى تصل الأولى، فتقدم القعقاع على رأس العشرة الأولى، ووصل إلى المسلمين وسلم عليهم، وبشرهم بقدوم المدد من الشام، وقال لهم : «يا أيها الناس أني قد جئتكم في قوم، والله لو كانوا مكانكم، ثم أحسوكم حسدوكم حظوتها، وحاولوا أن يطيروا بها دونكم، فإصنعوا كما أصنع.». ورغم صعوبة السفر وعنائه لم يخلد القعقاع للراحة، بل توجه إلى ميدان القتال مناديا: من يبارز؟ وكان فرسان الفرس على معرفة تامة بالقعقاع من حروبهم السابقة وأنه فارس لايشق له غبار، مرهوب الجانب في المعارك، فترددوا في الخروج إليه، فاضطر أشجع فارس فيهم إلى الخروج إليه وهو بهمن جاذويه فقال له القعقاع من أنت؟ فقال أنا بهمن جاذوية، وعندها تذكر القعقاع ما أصاب المسلمين في موقعة الجسر على يد هذا القائد، ومقتل أبو عبيد الثقفي وألاف المسلمين، فثار الدم في جسمه ورأى أنها الفرصة المناسبة للأخذ بثأر المسلمين، فصاح القعقاع في وجه بهمن جاذوية يألثارات أبو عبيد وسليط وأصحاب الجسر، وهجم القعقاع على بهمن جاذوية وقتله، وسر المسلمون بمقتله، ووهنت الفرس، فكانت هذه بداية حسنة للمسلمين، وبداية سيئة للفرس في هذا اليوم، وخرج القعقاع مرة أخرى يطلب المبارزة، فخرج له فارسان من الفرس وهما البندوان والبيرزان، وانضم للقعقاع الحارث بن ظبيان، فبارز القعقاع البيرزان وقتله، وقتل الحارث البندوان، وبعدها اشتعلت المعركة، وبدأ القتال العنيف، وجعل القعقاع يشد من أزر المسلمين بخطبة حماسية فكان يقول لهم «يا معشر المسلمين باشروهم بالسيوف، فإنما يحصد الناس بها». ولم تشترك الفيلة في هذا اليوم، لأن توابيتها تكسرت في الأمس، فاستأنفوا إصلاحها في هذا ذلك اليوم، فأراد القعقاع أن يرهب خيل الفرس، كما فعلت الفيلة بالأمس بخيل المسلمين، فحمل هو ورجال من بني عمه بني تميم على أبل قد برقعوها، وجعل لهذه الأبل المبرقعة فرسان تحميها، وحدث له ما أراد، فقد نفرت منها خيل الفرس، مما ساعد المسلمين على حربهم وطعانهم، ولقيت الفرس في هذا اليوم أشد من مالقيه المسلمون من الفيلة بالأمس، وظهر النصر في يوم أغواث للمسلمين بفضل الله عز وجل ثم بفضل خطط القعقاع بن عمرو، التي كانت لها الدور الأكبر في إرجاع كفة المعركة لصالح المسلمين، وقد حمل القعقاع في هذا اليوم ثلاثين حملة على الفرس، وفي كل حملة يقتل فارسا أو أكثر، وجعل القعقاع يرتجز:
أُزعِجُهُم عَمداً بِها إِزعاجاً أَطعَنُ طَعناً صائِباً ثَجّاجاً
وقد قتل القعقاع في ذلك اليوم، عظيما من عظماء قادة الفرس، يقال له بزرجمهر، وفيه يقول القعقاع:
حبوته جيلشه بالنفس هدارة مثل شعاع الشمس
في يوم أغواث فليل الفرس أنخس بالقوم أشد النخس
واستمر القتال بين الفريقين حتى منتصف الليل، وكانت ليلة أغواث تسمى ليلة السواد، ورجع الجيشان إلى مواقعهم بعد أن رجحت كفة المسلمين في يوم أغواث، ومما قاله القعقاع في هذا اليوم:
لم تعرف الخيل العراب سواءنا عشية أغواث بجنب القوادس
عشية رحنا بالرماح كأنها على القوم ألوان الطيور الرسارس
يوم عَمَاس
ــــــــــــــــ أشرقت شمس اليوم الثالث والمسلمون والفرس في مواقعهم على استعداد كامل لبدء يوم ثالث في القتال، ورأى القعقاع أن يبدأ هذا اليوم بعمل يرفع فيه شأن المسلمين، لأنه خشي أن لايتمكن هاشم بن عتبة والجيش الذي معه من الوصول في هذا اليوم، فبات القعقاع يسرب أصحابه الألف الذين جاءوا معه، إلى المكان الذي فارقهم فيه بالأمس، قائلاً لهم «إذا طلعت الشمس فاقبلوا مئة مئة، كلما توارت مئة تبعتها المئة الأخرى، فإذا جاء هاشم بن عتبة بمن معه من الجيش فذاك هو المراد، وإلا جددتم على الناس رجائهم». وبدأ القتال في يوم عماس بين الجيشان بالمبارزة والضرب والطعان، وبدأ أصحاب القعقاع بالتوافد إلى ميدان القتال، فلما رأهم القعقاع كبر وكبر معه المسلمون، وقالوا جاء المدد، وكلما طلعت مئة عليهم كبر القعقاع وكبر معه المسلمون، فزاد ذلك من عزيمتهم وشدتهم على عدوهم، وعندما أوشكت المئة الأخيرة أن تتحرك، طلع عليهم هاشم بن عتبة على مقدمة الجيش ومعه سبعمائة فارس قادمين من الشام، فأخبروه بما صنع القعقاع فاستحسن ذلك، ورأى أن يسير على نفس خطة القعقاع، فقسم جيشه إلى كتائب، كل كتيبة بنحو سبعين فارسا، وأمرهم أن يقدموا على ميدان القتال فوجا بعد فوج، وخرج هاشم على مقدمة جيشه، حتى وصل إلى أرض المعركة، كبر وكبر معه المسلمون، ثم قال «أول القتال المطاردة، ثم المراماة». وقد استخدم الفرس في هذا اليوم سلاحهم الفتاك الفيلة، وقد رأى ما كان صنعه المسلمون بالفيلة في اليوم الأول بتحطيم توابيتها، فقاموا بوضع فرسان لحمايتها، وبدأ القتال في يوم عماس بقتال شديد من أوله إلى آخره، وبعث يزدجرد بالنجدات والمدد إلى الفرس بالقادسية، وكان القتال سجالا بين الطرفين، وأحسن الفرس توجيه ما معهم من فيلة، فهاجمت المسلمين وفتكت بهم، وفرقت جموعهم، فراى قائد المسلمين سعد بن أبي وقاص ماتفعله الفيلة بصفوف المسلمين، فاستشار بعض الفرس الذين كانوا قد أسلموا، وانضموا إلى جيوش المسلمين عن أفضل وسيلة لكسر شوكت هذه الفيلة، فقالوا له المشافر والعيون لاينتفع بها بعدهما. فجال سعد ببصره يمنة ويسرة للبحث على من يحسن القيام بهذه المهمة، فوقع اختياره على القعقاع بن عمرو وأخيه عاصم بن عمرو التميمي، فأرسل إليهما أكفياني الفيل الأبيض، وكانت الفيلة التي حوله تألفه، وكان قريبا منهما، وأرسل إلى حمال بن مالك والربيل بن عمرو، أكفياني الفيل الأجرب، وكانت الفيلة التي حوله تألفه، فتقدم البطلان القعقاع وأخوه عاصم، فوضعوا رمحيهما في عيني الفيل الأبيض في وقت واحد، بعد أن أوعزا إلى بعض فرسان الكتيبة بمشاغلة ومزاحمة حراسه حتى يزيدوا من حيرة الفيل واضطرابه، فانتفض الفيل، وسل القعقاع سيفه وضرب خرطومه فقطعه، فوقع الفيل على جنبه وسقط من كان في الصندوق فوقه، فقتلتهم كتيبة القعقاع وعاصم، ونفس الذي فعلوه فعله حمال والربيل بالفيل الأجرب، وبذهاب الفيلة من أرض المعركة، صارت المواجهة بين المسلمين والفرس شديدة، واستمر القتال بين الطرفين حتى المساء، واستخدم المسلمون حيلة الإبل المبرقعة لإخافة خيل الفرس مرة أخرى، وظهرت الغلبة للمسلمين في ذلك اليوم، وقال القعقاع في هذا أبياتا يشيد فيها بدوره وقومه بني تميم من بطولات مشهودة:
حضض قومي مضرحي بْن يعمر فلله قومي حين هزوا العواليا
وما خام عنها يوم سارت جموعنا لأهل قديس يمنعون المواليا
فإن كنت قاتلت العدو فللته فإني لألقى في الحروب الدواهيا
فيولا أراها كالبيوت مغيرة أسمل أعيانا لها ومآقيا
ليلة الهرير
ـــــــــــــــــــــــ وهي الليلة التي اتصلت بيوم عماس، وبدأ فيها المسلمون والفرس بالتراشق بالسهام، فجاء سهم من جهة الفرس وأصاب خالد بن يعمر التميمي، فغضب لذلك القعقاع بن عمرو وحمل على الفرس ولم يستأذن من سعد وهو يقول:
سَقَى اللَّهُ يَا خَوْصَاءُ قَبْرَ ابْنِ يَعْمُرٍ إِذَا ارْتَحَلَ السُّفَارُ لَمْ يَتَرَحَّلِ
سَقَى اللَّهُ أَرْضًا حَلَّهَا قَبْرُ خَالِدٍ ذَهَابَ غَوَادٍ مُدْجِنَاتٍ تُجَلْجِلِ
فَأَقْسَمْتُ لا يَنْفَكُّ سَيْفِي يَحُسُّهُمْ فَإِنْ زَحَلَ الأَقْوَامُ لَمْ أَتَزَحَّلِ
فعندما علم سعد قال «اللَّهُمَّ اغْفِرْهَا لَهُ، وَانْصُرْهُ قَدْ أَذِنْتُ لَهُ إِذْ لَمْ يَسْتَأْذِنِّي»، وأمر سعد المسلمين بالزحف عند سماع التكبيرة الثالثة، ولكن المسلمين لم ينتظروا إلى التكبيرة الثالثة، فبعد سماعهم التكبيرة الأولى زحفت قبيلة بني أسد ثم النخع ثم بجيلة ثم كندة، والرحى تدور على القعقاع ومن معه، واشد القتال بين الفرقين طوال الليل، فكان لايسمع سوى صليل السيوف، وانقطعت الأصوات والأخبار عند سعد وهو ما أقلقه فدعا الله أن ينزل نصره على المسلمين، وكان متشوقا إلى خبر مايحدث في المعركة فإذا به يسمع صوت القعقاع بن عمرو وهو يقول:
نحن قتلنا معشرا وزئدا اربعه وخمسه وواحدا
يحسب فوق اللبد الأساودا حتى إذا ماتوا دعوت جاهدا
واستدل به سعد على الفتح وغلبة المسلمين، وكان الهجوم الليلي الذي قام به القعقاع ومن معه، هو الأول من نوعه ولم تعرف الجيوش الإسلامية ولا العرب في ذلك الوقت مثل هذا الهجوم، وكان لهذا الهجوم أثر كبير في ترجيح كفة المسلمين، ويرى بعض المؤرخين أن هذا الهجوم هو الذي حدد مصير المعركة.
يوم القادسية
ــــــــــــــــــــــ استمر القتال في ليلة الهرير حتى بزغ نور شمس اليوم الرابع وهو يوم القادسية، والناس على مواقعهم لم تغمض لهم عين، وقد نال منهم التعب والجهد بعد ليلة قتال شديدة، وكان القعقاع بن عمرو من أكثر الناس إدراكا لما أصاب المسلمين في تلك الليلة من تعب وجهد، ولكنه رأى بعين القائد الخبير أنه لابد لهذه الحرب أن تنتهي، ولابد من مواصلة الحرب والقتال حتى ينزل الله نصره على عباده المؤمنين، فسار القعقاع بين المسلمين يشد من أزرهم ويحثهم على الثبات ومواصلة القتال، قائلا: «أن الدبرة بعد ساعة لمن بدا القوم بتخاذل فاصبروا ساعة واحملوا فإن النصر مع الصبر فأثروا الصبر على الجزع»، ويدل هذا أن القعقاع بن عمرو مسموع الكلمة، مهاب الجانب سواء في قومه تميم أو غيرهم، ولهذا كانت كلماته مسموعة ونافذة ويدل هذا على مكانته الكبيرة بين المسلمين، فما أن حثهم القعقاع على مواصلة القتال، اجتمع عدة من الرؤساء وقصدوا رستم، واستطاع القعقاع ومن معه أحداث فجوة في صفوف الجيش الفارسي، فحمل بعض المسلمين على من يليهم من الفرس، حملة واحدة واقتتلوا، حتى انتصفت الشمس في كبد السماء، وكان أول من تراجع تحت ضغط المسلمين هو الهرمزان والجناح الذي يقوده، وانفرج القلب، وهبت ريح عاصفة اقتلعت خيمة رستم وألقت بها في النهر، وتقدم القعقاع ومن معه حتى وصلوا سرير رستم، وكان رستم قد هرب واختبى تحت بغل من بغاله، ورأى هلال بن علفة التميمي هذا البغل فضربه بسيفه فقطع حباله، فوقع الحمل على رستم، فحمل عليه هلال وقتله ثم نادى المسلمين قتلت رستم ورب الكعبة، وعندما انتشر خبر مقتل رستم عند الجيش الفارسي، وهنت عزيمتهم وضعفت قوتهم القتالية، ورأى الجالينوس فعرف خطر المواصلة في المعركة وأمر الفرس بالانسحاب، فعبر الردم من استطاع من الفرس، أما المربطين بالسلاسل أصابهم الخوف والهلع فرموا أنفسهم في نهر العتيق ووخزهم المسلمون برماحهم فغرقوا جميعا ولم ينجُ منهم أحد. وقد وجه سعد بن أبي وقاص اثنين لملاحقة من هرب من الفرس وهما القعقاع بن عمرو وشراحبيل بن السمط وقد أنجز القائدان ما أوكل إليهما.
وقد أثنى سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين في معركة القادسية على القعقاع وقومه بني تميم وثمن دورهم وبلائهم العظيم قائلا:
وَمَا أَرْجُو بجيلة غَيْرَ أَنِّي أُؤَمَّلُ أَجْرَهَا يَوْمَ الْحِسَابِ
وَقَدْ لَقِيَتْ خُيُولُهُمْ خُيُولا وَقَدْ وَقَعَ الْفَوَارِسُ فِي الضِّرَابِ
فَلَوْلا جَمْعُ قَعْقَاعِ بْنِ عَمْرٍو وَحَمَّالٍ لَلَجُّوا فِي الْكِذَابِ
هُمُ مَنَعُوا جُمُوعَكُمُ بِطَعْنٍ وَضَرْبٍ مِثْلَ تَشْقِيقِ الإِهَابِ
وَلَوْلا ذَاكَ أَلْفَيْتُمْ رِعَاعًا تُشَلُّ جُمُوعُكُمْ مِثْلَ الذُّبَابِ
وقد أثنى كثير من الشعراء على بني تميم ودورهم في القادسية وأنهم تركوا أثرا عظيما لن يمحى أبدا ومن هذا أن أهل اليمامة سمعوا مجتازا ينشد هذه الأبيات:
وجدنا الأكثرين بني تميم غداة الروع أصبرهم رجالا
هم ساروا بأرعن مكفهر إلى لجب فزرتهم رعالا
بحور للأكاسر من رجال كأسد الغاب تحسبهم جبالا
تركن لهم بقادس عز فخر وبالخيفين أياما طوالا
مقطعة أكفهم وسوق بمردى حيث قابلت الرجالا
القعقاع وفتح مدينة بهرسير والمدائن سنة 16 هـ
فتح بهرسير
ــــــــــــــــــــــ بعد إنتصار المسلمين في القادسية أقام سعد والمسلمين شهرين فيها وذلك لإراحة الجيش والتشاور مع الخليفة عمر بن الخطاب فكتب إليه عمر أن يسير إلى المدائن وهي عاصمة الفرس ، فتقدم المسلمون وقاتلوا الفرس المهزومين من القادسية في بابل و كوثى و ساباط حتى وصلوا إلى بهرسير وهي المدائن الغربية ، والفرس متحصنين بها فحاصرهم المسلمين شهرين فتركها الفرس وهربوا إلى المدائن الشرقية وكان يفصل بينهما نهر دجلة فدخلوها المسلمين ولم يجدوا فيها أحد وقد وصف القعقاع دخول المسلمين إليها وهروب الفرس عنها
فتحنا بهرسير بقول حق أتانا ليس من سجع القوافى
وقد طارت قلوب القوم منا وملوا الضرب بالبيض الخفاف
فتح المدائن
ـــــــــــــ بعد أن دخل المسلمين بهرسير أرسل سعد بعض المسلمين لطلب السفن ليعبر عليها الجيش إلى المدائن فلم يجدوا شيء منها لأن الفرس قد أستخدموها كلها ، فجاء بعض الفرس الذين كانوا قد أسلموا ودلوا سعد على مخاضة في النهر يستطيع المسلمين العبور إلى المدائن منها ، فجمع سعد المسلمين وأبلغهم بذلك وقال من يحمي لنا الفراض ( الشاطىء ) حتى يكتمل عبور جميع المسلمين ، فتطوع ذؤي البأس الشديد القعقاع وأخوه عاصم ومعهم ستة مئة من فرسان المسلمين من ذؤي النجدة والشجاعة ، فولى عليهم سعد عاصم بن عمرو التميمي فسار عاصم بمن معه من المسلمين حتى وقف على شاطىء نهر دجلة وأقتحمه هو ومن معه ، فاقبل عليهم الفرس يذودونهم فقال عاصم للمسلمين «الرماح الرماح وتوخوا العيون» فقصد المسلمين عيون الفرس الذين لم يصمدوا وولوا هاربين ، فلحق بهم المسلمون وتقتلوا أكثرهم وهرب من هرب منهم.
وقد رأى سعد بن أبي وقاص عبور عاصم وأصحابه وإيجادهم لمكان أمن في الضفة المقابلة فاذن للناس بالعبور ، فعبر المسلمين بكل يسر وسهولة إلا رجل من قبيلة بارق يدعى غرقدة البارقي زل عن ظهر فرسه وسقط في النهر ، فمضى إليه القعقاع بن عمرو بفرسه وأخذ بيده وجره حتى عبر ونجى فقال غرقدة البارقي «عجزت الناس أن تلد مثلك ياقعقاع» أيقن يزدجرد عزم المسلمين على المواصلة فأخذ كل مايقدر عليه من الأموال والذراري والنساء وهرب إلى حلوان وفي اللحظة نفسها كانت جيوش المسلمين تتقدم نحو المدائن فكان أول من دخلها يعقوب الهذلي ومعه الكتيبة الخرساء كتيبة القعقاع بن عمرو التي تجولت في المدينة فلم تجد مقاومة من أحد فدخل المسلمين إيوان كسرى وهم يكبرون وصلى بهم سعد صلاة الفتح وذلك في صفر سنة 16 هـ. وخرج القعقاع للحاق بمن هرب من الفرس فوجد فارسي معه وعائين فقتله ووجد في الوعاء الأول خمسة أسياف والثاني وجد فيه ستة أسياف ودروع , أما الدروع فهي درع كسرى ودرع هرقل ودرع خاقان ملك الترك ودرع داهر ملك الهند ودرع بهرام ودرع النعمان ملك الحيرة وأما السيوف فسيف كسرى وهرمز وفيروز وخاقان وبهرام والنعمان فذهب بها القعقاع إلى سعد فسر بهذا وقال للقعقاع : أختر أيها شئت فاختار القعقاع سيف هرقل وأعطاه سعد درع بهرام والبقية وزعها سعد على كتيبة الخرساء مكافئة لهم إلا سيف كسرى والنعمان فقد بعث بهما إلى عمر في المدينة.
القعقاع بن عمرو في معركة جلولاء سنة 16 هـ
ـــــــــــــــــــــ بعد أن هزم الفرس بالمدائن هربوا إلى جلولاء وإجتمعوا هناك وجعلوا عليهم مهران رازي وقد بلغ خبر تجمع الفرس إلى سعد بن أبي وقاص فكتب إلى عمر بن الخطاب يستشيره فكتب إليه عمر : «أن سرح هاشم بن عتبة إلى جلولاء في أثني عشر ألف وأجعل على مقدمته القعقاع بن عمرو التميمي وعلى الميمنة سعر بن مالك وعلى الميسرة عمرو بن مالك بن عتبة وإجعل على ساقته عمرو بن مرة الجهني وإن هزم الله الفرس فاجعل القعقاع بن عمرو بين السواد والجبل»
فخرج هاشم بالمسلمين في صفر سنة 16 هـ وقصد جلولاء وحاصر الفرس ثمانين يوما وكان يزدجرد يرسل الأمدادت للفرس وكذلك سعد بن أبي وقاص يرسل الفرسان لهاشم وعندها أيقن الفرس أن مناعة مدينتهم لن تصرف المسلمين عنها وأن المسلمين سوف يحاصرونها حتى ترضخ عندها خرج الفرس إلى القتال وأشتبكوا مع المسلمين واقتتلوا قتالا شديدا وقد قام القعقاع بن عمرو خطيبا في المسلمين يطلب منهم الصبر ويشد من أزرهم وهو يقول «إنا حاملون عليهم ومجاهدوهم وغير كافين ولا مقلعين حتى يحكم الله بيننا وبينهم فاحملوا عليهم حملة رجل واحد حتى تخالطوهم، ولا يكذبن أحد منكم» فحمل المسلمين على الفرس حملة قوية صادقة لم يستطع الفرس الصمود أمامها وواصل المسلمين التقدم وهزم الفرس يمنة ويسرةووقعت خيلهم فاتبعهم المسلمين ووضعوا السيوف على رقابهم ولم يفلت منهم إلا القليل وقتل منهم في وقعة جلولاء مائة ألف نفس وخرج القعقاع في طلب المنهزمين من الفرس فأدرك بعض سبيهم والذي يعرف بسبي جلولاء وتمكن القعقاع خلال مطاردته لفلول الفرس المنهزمة أن يقتل قائدهم مهران رازي وقد صور القعقاع بن عمرو هذا الأنتصار الإسلامي العظيم بقوله :
ونحن قتلنا في جلولا أثابرا ومهران، إذ عزّت عليه المذاهب
ويوم جلولاء الوقيعة أفنيت بنو فارس، لمّا حوتها الكتائب
القعقاع بن عمرو وفتح حلوان
فتح حلوان
ــــــــــــــــ بعد أن هزم يزدجرد في المدائن هرب إلى حلوان فبلغه هزيمة جنوده في معركة جلولاء ومقتل قائدهم مهران رازي على يد القعقاع بن عمرو أدرك عندها أن جيش المسلمين سيصله حتما إلى حلوان فخرج من حلوان وأتجه إلى الري وأستخلف على حلوان بعض جنده وعليهم قائد من قواده يدعى خسرو شنوم وتقدم القعقاع بن عمرو بمن معه حتى صاروا قرب حلوان فخرج إليهم خسرو شنوم بمن معه وعلى مقدمته الزينبي دهقان فاقتتلوا قتالا شديدا قتل فيه الزينبي وهرب خسرو شنوم فدخل القعقاع بن عمرو ومن معه حلوان فاتحين منتصرين
القعقاع بن عمرو واليا على حلوان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ مكث القعقاع بن عمرو في حلوان واليا عليها تنفيذا لأمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب شهرين من فتح جلولاء في ذي القعدة من سنة 16 هـ حتى خروج سعد بن أبي وقاص بالناس من جلولاء إلى الكوفة في محرم سنة 17 هـ .
وبعد اختطاط الكوفة كتب سعد بن أبي وقاص إلى القعقاع بن عمرو بالقدوم بمن معه من الجند إلى المدائن وأن أستخَلِّفْ عَلَى النَّاسِ بِجَلُولاءَ قُبَاذَ وهو من الفرس الذين أسلموا وحسن إسلامهم وأصله من خراسان .
قيل عنه
ــــــــــ قال أبو بكر الصديق:«لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف رجل».
كتب عمر بن الخطاب إلى سعد:«أي فارس أيام القادسية كان أفرس؟ وأي رجل كان أرجل؟ وأي راكب كان أثبت؟» فكتب إليه سعد بن أبي وقاص:«لم أر فارساً مثل القعقاع بن عمرو! حمل في يوم ثلاثين حملة، ويقتل في كل حملة كمِيّاً..».
بعض المواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم
للقعقاع مواقف مع الرسول صلى الله عليه وسلم وكان صلى الله عليه وسلم يخاطب من أمامه بما يحب أو مما يؤثر في نفسه ولما كان حديثه مع القعقاع وهو رجل يحب الجهاد يكلمه النبي صلى الله عليه وسلم عن الإعداد للجهاد فيقول سيف عن عمرو بن تمام عن أبيه عن القعقاع بن عمرو قال: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- : ما أعددت للجهاد؟ قلت: طاعة الله ورسوله والخيل قال: تلك الغاية
الوفاة:
ـــــــــ توفي القعقاع بن عمرو التميمي عام 40 أو 41هـ في مدينة الكوفة بالعراق رحمه الله ورضي عنه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق