حديث بالمجان
—————
هذه اللحظة سأترك مكارم الأخلاق جانباً وأكن نماماً وواشياً
على أحدى الحواس التي استبدت بالطغيان على الكيان كله من الشمال إلى الجنوب دون أن تراعي حرمة الأخريات . تهذي كثيراً في الليالي القمرية تشارك المدّ في شط العرب ولا ينتابها الجزر عند نهاية الشهر .
تنمو على مدار الساعة ، تقتات أوراق الشعر . يزهو لها الجوع وتناغم العوز أثناء العبور إلى الضفة الأخرى دون أن تكون منكسرة في ساعات الكبرياء.
تشتاق للماضي كأنه الهوية تنتمي إليه باعتزاز ولا تفتخر بالحاضر ولا تنظر للغد إلا من وراء ثقب في باب الكوخ أو مدّ الساعد في شقٍ لأحدى الأسوار . الطين يميزُ لون الخطى على الجسور والهواء يشم الحنين بأنف الشمس المتدلي على شفة النهار . شحيحة على الضوء حالما يذوب الجليد في أواني التقدير ، تجوب في جوانبها حفيف الشجر لا تبالي بصرير الدخول إلى غرفة السكون خلسة كأنه حلم خفيف على الظنون .ساعة وتدور الحوادث تناوش الغبرة بحديث يطول عن ما جرى وما دار في فوانيس البحث عن خيال سافر وغادر مع غيمات الربيع الأخير قبل أن يمزّقها قوس قزح أمام الضباب وسقسقة الطيور .
عاشر الأمعاء كما النبض الصاعد عن الخوف والهبوط عند السعي وراء إشارة التفكير ، تطيل الإمعان في الأمور وتقلب العكس الصحيح ، تجانب بعض الأسرار من غير قصد ، تريد أو لا تريد تمثل أدوار شكسبير في عطيل ويوليوس ليس كالأبطال بل وراء الكواليس تلقّن البطل بعض الجمل المنسية أمام الجمهور وتناول البطلة بعضاً من الماء. أبداً لم أسمع لها شكوى ولا تذمر عند مطرقة قاضي التحقيق ، مجرد تغفو على السهو الحاصل في بعض السطور كأنه يجوز للطرفين ، لم تبالغ أبداً حينما تحب السهر وتتناول الأراء مائة مرة لا تحب الظهور على الوسائد أو الاستلقاء على الأرائك ، لطيفة في دغدغة المشاعر عند سرير الوجع وياويلي لمن يترك استعمال العلاج . لا تبالي منْ يفوز وَمَنْ يخسر ومن أصبح وزيراً لا تعرف اسم الرئيس ، تعرف جغرافية الوطن وترسمُ الخريطة بدقة لا تترك سنتيماً واحداً لأية دولة مجاورة ولا تلون الفراتين بغير الأزرق ، تعشق الصحراء لأن ترى الفضاء فيه وتحب التلال عليها ترى هلال العيد ، وتهوى أن تحلق مع الزرازير المهاجرة والعصافير المشاكسة ترعى مع الحمل الوديع لا تنافس أحداً على الكلأ ولا تقطف العناقيد ، في سلالها حمص وزبيب لنهايات قصص النوم في ليالي الطفولة . تسمع أغنية ( البنفسج ) لأجل أن يذكر المطرب ( يا حلم ) .
أفتن لكم عليها هي تشعر بالأحلام وتحسسها بكل جراءة دون تردّد تمدّ أصابعها الوردية وتلمس نعومتها وخشونتها ، قد يدميها الشوك ويخدش بشرتها الأسلاك الشائكة عندما تعبر المنفذ لترى يوسف يفسر لها الأحلام التي تجمعت في جعبتها المهترأة ، شاركت السيارة في انتشال الغريق من اليمّ وشاركت في التصفيق للجمهور لا للبطل ، هل هذا يعني أنها تحمل شهادة الدكتوراه في الحواس أو شهادة تقدير في الإعداد والإحصاء بل ران على قلبها ألا تجمع الحواس في بوتقة واحدة وتقدمها كمقبلات للتفكير أو كالمخللات في الأشعار أو حتى ملح في الأنغام ، الأفضل أنها وجبة الحلوى عند انتهاء من تناول وجبة الطعام الدسمة في بوفية مفتوح للآخر بالمجان .
————-
عبدالزهرة خالد
البصرة / ١٠-٥-٢٠١٩
الجمعة، 10 مايو 2019
حديث بالمجان بقلم عبدالزهرة خالد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق