الأحد، 5 مايو 2019

الرحالة والمستكشفين العرب والمسلمين اكتشفوا الامريكيتين قبل كريستوفر ـــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي -العراق

الرحالة والمستكشفين العرب والمسلمين اكتشفوا الامريكيتين قبل كريستوفر
ـــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي -العراق - 23-4-2019
منذ الصغر ونحن طلاب في الابتدائية والمتوسطة درسنا في كتب التاريخ ان كريستوفر كولومبس اكتشف الامريكتين وهذا ما ساقه وثقف عليه الاعلام الغربي والمؤلفات الغربية الا ان المنصفين من المؤلفين الغرب اثبتوا وبالادلة القاطعة ان العرب والمسلمين اكتشفوا الامريكيتين قبل كريستوفر وعليه ان الاوان على وزارات التربية العربية تعديل مناهجها بالشكل الصحيح الذي يثبت على ان العرب المسلمين اكتشفوا الامريكيتين قبل كريستوفر ..فكانت الاشارة دائما إلى كريستوف كولومبس، باعتباره صاحب الفضل الأوّل في اكتشاف العالم الجديد (الأمريكتين)، والحقيقة أن هذا الإدعاء، يبتر الجُزء الأهم من قصة الاكتشاف، والتي اعترف كولومبس نفسه بها، ألا وهي أن رحلات عديدة سبقته إلى هذا العالم الجديد، والفرق بينه وبين من سبقوه، أنه جاء ومن خلفه المُستعمرون الجُدد، بينما هم تاجروا، وتصاهروا، وامتزجوا اجتماعيا مع السُكّان الأصليين.. وبحسب ما أفصح به كولومبس، في مُذكّراته، فإنه أصرّ على أن يكون ضمن طاقم رحلته الاستكشافية، مُترجما يُجيد اللغة العربية، فقد كان على يقين بأنه سيستفيد منه!!.
في هذه المقالة، القي الضوء على رحلات المُغامرين العرب المسلمين في المُحيط الأطلسي، واقدّم الدلائل والبراهين، التي تؤكّد الوجود العربي الإسلامي في الأمريكتين، قبل كولومبس.
المحيط الأطلسي في كتابات الجغرافيين العرب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اهتم غير واحد من الجغرافيين العرب بالمُحيط الأطلسي، وعرفوا عنه الكثير من المعلومات، التي دوّنوها في مؤلفاتهم، بل رأينا منهم من رسم خرائط له، مبيّناً فيها الممرات الملاحية، ومناطق الصيد المُمتدة على السواحل الغربية لأوروبا، وكذا السواحل الإفريقية، ولعل ما كتبه ورسمه أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني، عن هذا المحيط، كان مُهماً، وجديرًا بالتأمّل والاهتمام؛ لتصحيح المسار التأريخي للكشوف البحرية، لقد خلِص إلى القول بأن: " العقل يقضي بوجود جُزء مغمور، في الجانب الغربي من الكرة الأرضية ".. ورسم المسعودي خريطة، بيّن فيها العديد من جزر المحيط الأطلسي، ثم مُسطّح كبير أسماه الأرض المجهولة.. وفي كتابه الموسوم (مسالك الأبصار)، تحدث الجغرافي ابن فضل الله العمري، عن وجود أرض في الجانب الآخر من بحر الظلمات (المحيط الأطلسي)، ونقل عن أبي الثناء محمود أبو القاسم الأصفهاني (ت 749 ه):" لا أمنع أن يكون ما أنكشف عنه الماء من جهتنا، مُنكشفا في تلك الجهة، ولا أمنع أن يكون به من الحيوان والنبات والمعادن، مثل ما عندنا، أو من أجناس أخرى".. وللجغرافي ابن الزيات خريطة مهمة، مازالت مكتبة قصر الإسكوربال في مدريد، تحتفظ بها إلى الآن، وفيها ظهرت السواحل الشرقية للأمريكتين.. وفي مُصنّفه (خريدة العجائب وفريدة الغرائب)، الذي فُرِغ من تدوينه عام 1335 م توجد النسخة الأصلية منه في المكتبة الوطنية بباريس، أورد العالم الجغرافي ابن الوردي، معلومات مُثيرة للدهشة، حول جُزر المحيط الأطلسي، ومناطق في أمريكا الجنوبية، لم يصلها أي أوروبي، إلا بعد قرنين على الأقل، لقد تحدّث عن الأرض الكبيرة، التي تقع شرق جزر الخالدات (جزر الكناري)، وقال أنها تزخر بالمياه والأشجار والذهب، وأن كُثرة الذهب جعل أهل هذه الأرض يقايضونه فيما بينهم، بالسلع الرخيصة، كالأقمشة والخرز والحجارة المُلوّنة، ثم نراه يتحدث عن سُكّان هذه الأرض، ببشرتهم المائلة إلى الحُمرة، وشعورهم الطويلة، وعاداتهم وتقاليدهم، كما لو كان يعيش بينهم، " إنهم خلق كالنساء، عيونهم كالبرق الخاطف، ووجوههم مُحترقة، يتكلمون بكلام غير مفهوم، ولباسهم ورق الشجر، يحاربون الدواب البحرية، ويأكلونها" أليست هذه الأوصاف، تنطبق علي الهنود الحمر.. ؟! ثم نراه يتحدث عن العقاب الأمريكي، قائلاً: " أنه جنس من الطيور، على هيئة العُقبان، ذو مخالب تصيد دواب البحر"
وكانت قمة الخرائط التي رسمها المسلمين للمحيط الأطلسي والأرض الجديدة، قد اُنحزت على يد الملاح الشهير حاجي أحمد، والذي يُعرف في الغرب باسم "بيري رايس"، ويعود الانتهاء من رسمها إلي العام 1513 م، والحقيقة أن ما رسمه حاجي خليفة، ليس خريطة واحدة، بل بالأحرى خريطتان يحتفظ بهما متحف طوبكابي في اسطنبول إلى الآن الأولى لغرب أوروبا، وغرب أفريقيا، والسواحل الشرقية من الأمريكتين، والثانية لسواحل الأطلسي، المُمتدة من جرونلاند وحتى فلوريدا.. وفي هاتين الخريطتين، ظهرت لأول مرة بعض الخصائص التضاريسية للأمريكتين، كما ظهرت مواضع ممرات مائية وأنهار، لم يكتشفها أحد من الأوروبيين، إلا خلال الأعوام ما بين 1540: 1560 م، وكان حاجي قد ذكر بأنه استقى معلومات خريطته النادرة هذه، من حوالي تسعين خريطة رسمها الجغرافيين والرحالة الأندلسيين والمغاربة، الذين سبقوه.
رحلة خشخاش بن الاسود
ـــــــــــــــــــــــــــ :وهي من الرحلات العربية الشهيرة في المحيط الأطلسي، قادها بحار مسِلم، سكن في قرطبة، ونهل من أنهار معارفها، يدعي خشخاش بن الأسود، ذكره كل من البكري، والحميري، بشيء عن تفاصيل رحلته، لقد اصطحب معه مجموعة من اصدقائه ، وأبحر من دلبا (بالوس) ، في صيف عام 889 م (إبان حكم الخليفة عبد الله بن محمد للأندلس، والذي امتد من عام 888 إلي 912 م)، وتوغّل شرقًا في المحيط الأطلسي، ورسى على غير جزيرة من الجزر المُتناثرة في هذا المحيط؛ لأخذ قسط من الراحة، والتزوّد بما لذّ وطاب من ثمارها، وبينما يكاد يُعطي أوامره لأعوانه، برد القلوع للعودة، إذ به يُشاهد من بعيد طيور تحوم في السماء، فأيقن بأن هذه الطيور لامناص من أرض تؤويها، عندئذ أمر أعوانه بمواصلة التوغّل شرقًا، إلي أن وصل لأرض واسعة مجهولة، عاد منها بكنوز كثيرة.. وبحسب رواية المسعودي، فإن خبر خشخاش"مشهور عن أهل الأندلس".
وقد أشار إلي أهمية رحلة خشخاش هذه، المؤرّخ الأسباني خوان بيرنيط، وذكر أنه ربما وصل إلي الشواطئ الأمريكية، كما أكّد أيضا علي أهميتها، المؤرّخ الروسي أغناطيوس يوليا نوفتش كراتشكوفسكي، إلا أنه لم يُشير إلى وصل خشخاش للعالم الجديد، بل قال بلفظه: " إن النقطة التي بلغها خشخاش وأعوانه، هي مجال للتخمين والافتراضات ".
من المُفارقات أنه ذات الميناء الذي أبحر منه كولومبس.. !! الفتية المغررين.. ورحلتهم ولعل الرحلة العربية الأشهر، في المحيط الأطلسي، والتي كُتِب حولها الكثير من البحوث والدراسات التأريخية، تلك الرحلة التي شارك فيها ثمانية شُبّان، أبناء عمومة، لُقّبوا بالمغررين، أي المخاطرين، انطلقوا من ميناء لشبونة، وذكر خبرهم الجغرافي والمؤرخ أبو حامد الغرناطي، كما ذكرهم الإدريسي، قائلاً: " من مدينة أشبونة، كان خروج المغررين، في ركوب بحر الظالمات، ليعرفوا ما فيه، وإلى أين انتهاؤه، كما تقدّم ذكرهم، ولهم في مدينة أشبونة، بموضع قرب ألحمة، درب منسوب إليهم، يُعرف بدرب المغررين.. وذلك أنهم اجتمعوا، فأنشئوا مركبًا حمّالاً، وأدخلوا فيه الماء والزاد، ما يكفيهم لأشهر، ثم دخلوا في أول طاروس الريح، فجروا بها نحوًا من أحد عشر يومًا، توصّلوا إلى بحر غليظ الموج، كدر الروائح، كثير القروش، قليل الضوء، فأيقنوا بالتلف، فردوا قلاعهم في اليد الأخرى، وجروا مع البحر في نهاية الجنوب أثني عشر يومًا، فخرجوا إلى جزيرة الغنم، وفيها من الغنم مالا يأخذه عدد ولا تحصيل، وهي سارحة، لا راعي لها ولا ناظر إليها، فنزلوا بها، فوجدوا عين جارية، وشجرة تين برّي، ثم ساروا مع الجنوب اثني عشر يومًا أُخرى، إلى أن لاحت لهم جزيرة، فنظروا فيها إلى عمارة وحرث، فقصدوا إليها، فما كان غير بعيد حتى أحيط بهم زوارق هناك، فأُخِذوا وحُمِلوا في مراكبهم، إلى مدينة على ضفة البحر، فأُنزِلوا بها، فرأوا فيها رجالاً شُقرًا ذُعرا، شُعور رؤوسهم سبطه، وهم طوال القدود، ولنسائهم جمال عجيب، فاعتقلوا فيها ثلاثة أيام، ثم دخل عليهم في اليوم الرابع، رجُل يتكلم باللسان العربي، فسألهم عن حالهم، وفيما جاؤوا، وأين بلدهم، فأخبروه بكل خبرهم، فوعدهم خيرًا، وأعلمهم أنه ترجمان الملك، فما كان في اليوم الثاني من ذلك، حتى اُحضِروا بين يدي الملك، فسألهم عن الأخبار والعجائب.. فلمّا علِم الملك ضحك، وقال للترجمان: خبّر القوم أن أبي أمر قوما من عبيد، يركبون هذا البحر، وأنهم جروا في عرضه شهرًا.. "ويتواصل الإدريسي، في وصفه لرحلة الشُبّان المغررين، وما لاقوه من أهوال، كادت تُهلِكهم، إلي أن وصلوا موطنهم، ليحكوا خبرهم.
وفي ضوء ما سرده الإدريسي، حول مسار رحلة المغررين في المحيط الأطلسي، نضع بين يدي القارئ، عدة نقاط:
إن زمن الرحلة، التي قام بها الشبان المغررين، بلغت نحو ثمانية وثلاثين يومًا، أي ما يزيد بثمانية أيام عن رحلة كريستوف كولومبس (33 يومًا).
بحساب مُتوسّط سُرعة يومي100كم، فإن الشبان المغررين، قطعوا نحو 3800 كم، وهي مسافة كافية للوصول إلى شواطئ العالم الجديد، بل والتوغّل في الداخل، بعيدًا عن الشواطئ.
إذا كان الشبان المغررين، لم يصلوا العالم الجديد، فأين إذن وصلت سفينتهم، بعد قطعها هذه المسافة الطويلة.. ؟!.
لقد كتب العلامة مصطفى الشهابي، دراسة قيمة حول هذه الرحلة، أكّد خلالها أن هؤلاء الشبان نجحوا بالفعل في الوصول إلي إحدى جزر أمريكا الجنوبية، في البحر الكاريبي أو الأنتيل.. وكتب متز ، أن هؤلاء الشبان وصلوا إلي أقصى الغرب، وقد أطلق عليهم "المُغرّبين"، أي الضاربين في الغرب.. في حين يرى بيزلي ، أن الجزيرة الأولى التي وصلوها، هى ماديرا ، بينما الجزيرة الثانية، لا تتجاوز إحدى جزر الكناري ، وهذا الرأي أوجد مُبررات لمعارضته، كونه لا يستقيم مع زمن الرحلة ولا المسافة التقديرية لها.
رحلات المسلمين الأفارقة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ :ولم تقتصر الرحلات الأطلسية، على هاتين الرحلتين، بل ثمة رحلات عديدة أُخرى، ذُكِرت بشيء من الاقتضاب في المصادر التأريخية، منها رحلة ابن فاطمة، التي أوردها كُل من ابن سعيد وأبو الفداء، وعلّق عليها المؤرخ الأسباني خوان بيرنيط، ورحلة أبو فرّوخ الغرناطي، التي انطلقت في فبراير عام 999 م، وتوغّلت غربًا، ثم عادت في مايو من ذات العام (999 م)، ورحلة زين الدين علي بن فضل المزندراني، التي قام بها عام 690 ه /1291 م، وغيرها.
ولا تقل أهمّية، تلك الرحلات التي قام بها مسلمين أفارقة، تجوّلوا في جل الجزر الأطلسية، ووصلوا العالم الجديد، وتركوا آثارهم هناك، كما سنعرف بعد قليل، منها رحلة أو بالأحرى بعثة استكشافية، أورد بعض تفاصيلها ابن فضل الله العمري، في (مسالك الأبصار)، حيث كان سُلطان مملكة مالي الإسلامية، يعتقد بوجود أرض خلف بحر الظلمات، وأن هذا البحر مهما اتسع؛ فلا مناص أن هناك أرضًا عامرة، مسكونة مثل أرضنا.. لقد قام بتجهيز حملة كبيرة، من عشرات السفن، مُزوّدة بكل ما يحتاجه البحارة، من ماء وزاد ومعدات، وجعل رجُل يُدعي الحاج أبو بكر، قائدًا لها.. لقد أقلعت السفن باتجاه الغرب، حتى غابت عن الأنظار.. وانقطعت أخبار هذه الحملة مدة طويلة، ثم عادت احدي سُفنِها، وعلي متنها قليل من البحارة، الذين استدعاهم السُلطان محمد بن قو، وسألهم عن أمرهم، وماذا جرى لرفقائهم، فحكوا له ما قابلهم من أهوال، وأن بعضهم نزل اليابسة، واستوطن هناك، خوفًا من الهلاك أثناء العودة؛ إلا أن السلطان لم يُصدّقهم، وجهز حملة كبيرة تضمنت نحو ألفي سفينة للرجال، وألف سفينة للزاد والمعدات، غادر بها الساحل الغربي لأفريقيا، من جهة السنغال، وتوغل في مياه المحيط، ثم غاب.. ولم يعد أحد من أفراد هذه الحملة، بما فيهم السلطان نفسه، الذي خلفه على حكم مالي الإسلامية، السلطان منسي بن موسي.
(دلائل وبراهين)
ــــــــــــــــــــــــــ :وصول العرب والمسلمين إلى العالم الجديد، لم يعد أمرًا مشكوك فيه، وإذا افترضنا جدلاً، أن معظم هذه الرحلات الأطلسية، لم تصل إلى العالم الجديد؛ أليس من المنطق أن واحدة منها أو أكثر نجحت بالفعل في الوصول (؟!).. إن الإدعاء بغير ذلك، فيه إجحاف كبير بحق أجدادنا، وجهودهم الاستكشافية، وإليكم المزيد من الأدلة والبراهين:
بعد دراسة مُستفيضة أجراها (عام 1955 م) د. جيفر يرز، أستاذ العلوم الأثرية، في جامعة (ويتراتر ستراند) بجنوب إفريقيا، حول أصول الهياكل البشرية، التي تم العثور عليها في ولاية غراندة البرازيلية، أكّد على أنه"من الخطأ نسب اكتشاف أمريكا إلي كولومبس؛ لأن العرب هم في الواقع الذين اكتشفوها، قبله بمئات السنين، لقد اهتدينا من خلال ما عثرنا عليه من هياكل بشرية، أن جلها يعود إلى أشخاص ذوي أصول عربية، أتوا من شرق أفريقيا، واستوطنوا البرازيل".
وفي محاضرة ألقاها عالم الأجناس د. ماسو ري، بجامعة أوتو، أشار إلى أنه على يقين، بوصول العرب إلى العلم الجديد، قبل كولومبس ب 500 سنة على الأقل، وأنه توصّل إلى ذلك، بعد عثوره في كهوف (الباهاما)، بخليج المكسيك، على جماجم تعود لسكان عرب، استوطنوا المنطقة، قبل 500 سنة على مجيء كولومبس.
عُثِر في الهندوراس، على قبيلة أفرادها من ذوي البشرة السمراء، دينها الإسلام، ويُطلَق عليها لقب" إمامي" ، ذكرها فيردينا ندو كولومبس، أخو كريستوف، كما ذكرها وتحدّث عنها بعد ذلك، المؤرخ الفرنسي كوفي ،
في كتابه الموسوم (البريد في أمريكا)، وقال أن الكلمة مُحرّفة من كلمة (إمام) العربية، كما عُثِر على قبيلة أخرى، تدعي مارا بطاناس ، المُحرّفة من كلمة (المُرابطين).. وفي الأكوادور، ثمة قبيلة تُدعي زاموراس ، التي اُقتُبس اسمها من كلمة (أزمور)، وهي بلدة مغربية، تقع عند مصب الربيع.
ذكر الباحث البريطاني باسيل دافيد سن في كتابه ، أن العالم الدكتور ليو وينر، من جامعة هارفارد الأمريكية، قدّم دعمًا غير مباشر، للتأكيد على وصول العرب إلى العالم الجديد قبل كولومبس، حيث أشار إلي وجود تشابه عِرقي ولغوي بين سكان ساحل إفريقيا الغربي وسكان أمريكا الأصليين، من الهنود الحمر المقيمين في خليج المكسيك، إلاّ أن ما قاله ليو وينر لم يجد الاهتمام الكافي.. وجاء من بعده د. إيفان سريتما، من جامعة ريتيكرز، في نيوجيرسي، الذي أكّد في أكثر من محفل، على أن " هناك مسلمين وصولوا إلى أمريكا قبل كولومبس".. ويشير أنستاس الكر ملي إلى" أن العرب لهم السبق، على سائر الأمم، في معرفة خواص تيار الخليج الحار، في المحيط الأطلسي، لقد أدركوا أن حركته من أيرلندة إلى المكسيك، ومن هذه إلى تلك، فكانوا يركبونه من موطن إلى موطن، بحيث أدهشوا سكان جزر المانش، أي جزر القصدير، وأهالي جزيرة أيرلندة، فكانوا إذا ظعنوا إلى أنحاء المكسيك، مكث بعضهم فيها، وعاد القليلون منهم إلى بلادهم، راكبين متن ذلك التيار ".
دون المؤرخ الصيني (هوي لين لي)، دراسة مُطوّلة حول الكشوف البحرية، أورد فيها أن البحّارة العرب، تمكنوا بسفنهم الكبيرة من عبور الأطلسي، ورسوا على شواطئ العالم الجديد، حاملين معهم الكثير من النباتات ذات الموطن الأفريقي مثل الباباي، والجوافة، والأناناس. في عددها الصادر بشهر فبراير سنة 1956 م، أوردت مجلة (العالم اليوم)، التي تصدر في واشنطن، دراسة مُطوّلة، خلِصت فيها إلى التأكيد على أن شعبي الأزد والمايا، وهما من الشعوب الأمريكية القديمة، تتسم حضارتهما بالطابع الشرقي.. وأوردت المجلة العديد من المظاهر العربية الأصل، التي كانت مُنتشرة بين الشعبين .. وفي عددها الصادر بشهر إبريل 1960 م، أوردت مجلة نيوزويك الأمريكية، أن ثمة وثائق تاريخية، تم العثور عليها في جنوب الولايات المتحدة، ولم يكشف النقاب عنها، ولا عن تفاصيلها بعد، إلاّ أن ما تسرّب منها يؤكّد علي أن العرب كانوا في العالم الجديد، قبل العام 1100م. وفي تصريح أدلي به أحد السائحين، ونشرته جل الصحف البرازيلية، الصادرة يوم 18فبراير 1969م، أكد على أنه بينما يتجول في المجاهل الغربية للبرازيل، إذ به يصل إلى تجمّع قبلي" غريب الأطوار والعادات واللسان"، وأنه عرف من زعيم هذا التجمّع، أن جميع الأفراد يصومون شهرًا في العام، وأن لهم صلاة خاصة، قبل أدائها يقومون بغسل أيدهم ووجوههم وأرجلهم، ولما سألهم السائح عن أصلهم، أكد زعيم القبيلة أنه لا يعرف عن ذلك شيء، وأن آبائه وأجداده كانوا يقيمون هنا، منذ زمن بعيد.. !!
يُشير المؤرخ برتن كيلدانه، إلى أنه عندما زار الريف المكسيكي، اندهش من كم الكلمات العربية الأصل، التي ينطق بها السكان، ومنها لفظ الجلالة (الله) ، وطوفان ، وحورية ، وكُحل ، وحوالة ، وعوار وأمير البحر .. وبحسب دراسة للمؤرخ ليو ويني ، فإن القاموس اللغوي للهنود الحمر، يحتوي على مئات من الكلمات العربية، التي يعود تاريخ معرفتهم بها، إلي العام 1290م.
في كتابه " القصة الأمريكية "، ساق العالم الدكتور باري فيل ، من جامعة هارفارد، مجموعة من البراهين، التي تدعم الوصول العربي لأمريكا قبل كولومبس، ومنها اكتشافه لمدارس إسلامية في فالي أف فاير وآلان سبر ينغز ، ولوغو مار سينو ، وكيهول وكانيون ، وواشو ، وهيكيسون سوميت باس ، في نيفادا .. وميمبرز فالي ، في المكسيك.. وتيبير كانو ، في ولاية أنديانا .. وميسا فرودي ، في كولورادو ، وأكّد على أن هذه المدارس، يعود تاريخها إلى ما بين 700: 800 م، كما أشار إلى أنه"وجد منقوشا علي الصخور، في المناطق الغربية الحارة لأمريكا، نصوصًا ورسومًا بيانية وخرائط، تُمثّل أطلالاً من مجموعة مدارس، وكانت لغة النقوش هي اللغة العربية لشمال إفريقيا، وقد تضمنت العلوم المنقوشة الكتابة والقراءة والحساب والدين والتاريخ والجغرافيا والفلك وعلم الملاحة.. ويُضِيف د. باري فيل" إن في كل من الولايات المتحدة، وكندا، أكثر من (565) اسم لمناطق (قرى، ومدن، وجبال، وأنهار، وبحار)، كلّها ذات أصول إسلامية وعربية، منها 484 في الولايات المتحدة الأمريكية، و81 في كندا.
أورد المؤرّخ الانجليزي دي لاس، في كتابه الموسوم (الفكر العربي، ومكانته في تاريخ الغرب)، أنه لم يعد يُساوره أدني ريب، الروايات المُتداولة، حول اكتشاف العرب لأمريكا قبل كولومبس، وأكّد على أنها "روايات صحيحة "، وبحسب لفظه: " إذا لم يكن من أدلة على ذلك، فإنه يكفيني ما عرفته عن التفوق الكبير والخبرة الواسعة، التي كان العرب يمتلكونها في مجال الملاحة البحرية "، ونراه يتساءل بلفظه: "متى يأتي اليوم الذي سيعود فيه هذا الاكتشاف لأصحابه؟! ".
كولومبس.. واعترافاته
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـوإذا لم تكن كُل الأدلة والبراهين، التي أوردناها سلفًا، غير كافية علي تأكيد الولوج العربي الإسلامي، في العالم الجديد، قبل كولومبس.. فإليكم المزيد من الأدلة والبراهين، ولكن هذه المرة باعتراف كريستوف كولومبس نفسه:
يقول كولومبس في مذكراته، أنه كان دائم الإطلاع على معارف العرب الجغرافية، وأنه استفاد منها كثيرًا، وأعتبرها مصدرًا رئيسا يُعوّل عليه.
ذكر أنه لم يكن يخطر بباله، أن يكتشف أرضًا جديدة، بل يُثبت للعالم أنه قادر على الوصول إلى الهند، عن طريق الغرب، وإثبات كروية الأرض بشكل عملي، ولهذا السبب جاءت تسميته لسُكّان أمريكا الأصليين بـ"الهنود الحمر" .. وكان كولومبس قد اعترف أنه نقل عن العرب صورة الأرض الكروية، مثل ما كتبه البيروني حول كروية الأرض، وابن خردزابة الذي قال: " إن الأرض مُدوّرة كتدوير الكرة، موضوعة في جوف الفلك، كالمحة في جوف البيضة "، وابن رسته الذي قال: " والأرض مستديرة أيضا، كالكرة المُصمتة في جوف الفلك، والدليل على ذلك أن الشمس والقمر وسائر الكواكب، لا يوجد طلوعها، ولا غروبها، على جميع مَن في نواحي الأرض في وقت واحد، بل يُرى طلوعها علي المواضع المشرقية، قبل غيبوبتها عن المغربية "، والمقدسي الذي قال " إن الأرض كروية، وأن خط الاستواء يُقسمها نصفين، وأن مُحيطها مُقسّم إلي360 درجة طولية، و180 درجة عرضية ".
اعترافه بأنه عندما قرر عبور الأطلسي، لجأ إلي نفر من أهل الخبرة في الملاحة البحرية، ممن لهم علاقة قوية بالمسلمين، أمثال القبطان مارتن ألو نسو بنزون ، الذي قاد سفينة بينتا ، وأخوه فايسينتى ، الذي كان يقود السفينة نينا ، ومن المعلوم تاريخيًا، أن عائلة بنزون، كانت تربطها علاقات قوية، بملك الدولة المرينية في المغرب، أبو زيان محمد الثالث.لكونه كان يُدرك بأن عرب مسلمين، سبقوه في خوض المحيط الأطلسي، وأن منهم من استقرّ في جُزره البعيدة، فقد حرص كولومبس أن يصطحب معه مُترجمًا يُجيد اللغة العربية، يدعى" لويس دوتور"، وكان لهذا المُترجم أثر كبير في تسهيل مهام كولومبس، خاصة في المناطق التي شُهِدت فيها قبائل، تُمارس عادات وتقاليد تُشبه عادات وتقاليد بلاد المورة، ومُثبت تاريخيا من خلال المُذكرات التي أشرنا إليها سلفا أن كولومبس أمر مُترجمه، بأن يكتب رسالة بالعربية، لزعيم إحدى هذه القبائل، جاء فيها: " يا صاحب السيادة يقصد زعيم القبيلة إن الملكة إيزابيلا، ملكة أسبانيا وقشتالة، تُهديك السلام. وتطمع أن يكون بينها وبين بلادك، علاقات صداقة ".
كان كولومبس، قد اعترف بأنه حرص علي الاستعانة، بالعديد من الآلات البحرية والفلكية العربية، مثل ذات المحلقة، والإسطرلاب، والبوصلة.. كما أنه استعان بخرائط، لغير واحد من راسمي الخرائط العرب، منها خريطة للمسعودي (875 -975 م)، تضمنها كتابه الموسوم " أخبار الزمان ".
ذكر كولومبس، أنه لمّا وصل إلى هيسبانيولا (كوبا حاليًا)، أخبره السُكّان الأصليون، بأنهم كانوا على علاقة تجارية قوية، مع عرب أفارقة، وأنهم كانوا يبتاعون منهم رؤوس الحراب، المُغطّاة بمعدن أصفر، كان الهنود الحمر يسمونه"غواني "، وهي كلمة أصلها من غرب إفريقيا، وتعني الذهب المخلوط بمعادن أُخرى.. ويذكر كولومبس، أنه أحضر إلي أسبانيا، مجموعة من هذه الغواني، وبفحصها تبيّن أنها تحتوي علي 18جزءًا من الذهب (56، 25 %)، وستة أجزاء من الفضة (18، 75%)(13)، وثمانية أجزاء من النحاس (15 %)، وهي نفس النسبة التي توجد في المعادن، المُنتشرة بغرب إفريقيا.
في الثاني عشر من أكتوبر عام1492م، نزل كولومبس إلى إحدى جزر الباهاما، فوجد أن سُكّانها يطلقون عليها، اسم (غوان هانئ) ، وهي كلمة مُحرّفة من ألفاظ عربية، حيث أن غوان هي في الأصل" أخوان"، إلا أنه حُوّل أسمها فيما بعد، لتصبح"سان سلفادور" وفي كتابه (إفريقيا واكتشاف أمريكا)، الذي طُبع عام1920م، ذكر العالم الأمريكي ليو وينر، " إن كولومبس كان على عِلم بوجود أقوام الماندينكا في العالم الجديد، وأن مسلمي غرب أفريقيا، كانوا منتشرين في منطقة الكاريبي، وفي شمال ووسط الأراضي الأمريكية، بما في ذلك كندا، حيث كانوا يُتاجرون، بل ويتزاوجون، مع أقوام الأيروكويس ، والالكونكوين ".
أورد كولومبس في مذكّراته، أنه يوم الاثنين21 أكتوبر عام1492م، وبينما كانت سُفنه مبحرة بالقُرب من جيبارا ، إذ به يُشاهد جبلاً علي قمّته مسجدًا كبيرًا.. وذكر أن هذا المشهد، تكرر في أكثر من منطقة ذهب إليها.
كتب كولومبس أنه في أثناء رحلته الثالثة، التي جرت وقائعها عام 1498م، وبعد مُغادرته ترينيداد ، باتجاه أمريكا الشمالية، شاهد نساء بلديات، يلبسن أغطية للرأس، مُلوّنة ومنسوجة بالقطن المُتناسق، وأن أصل هذه الأغطية غرب أفريقيا، ومنها انتقلت إلى نساء المورة (مسلمي أسبانيا وشمال إفريقيا)، وربما وصلت عن طريقهم إلي العالم الجديد، أو وصلت من غرب إفريقيا مباشرة.. لقد كانت النساء البلديات، اللاتي شاهدهن كولومبس، يُطلقن على هذه الأغطية اسم "المايزرات" وهي كلمة مأخوذة من اللفظ العربي الميزار، أو المئزر
في دراسة مُهمّة، نشرت أجزاء منها صحيفة ديلي كلاريون ، أشار عالم الأجناس ميرا موس، إلى أنه" عندما اكتشف كريستوف كولومبس الهند الغربية، أي جُزر البحر الكاريبي، عام 1493م، وجد جنسًا من البشر أبيض اللون، خشن الشعر، اسمهم الكاريب، وكان منهم المزارعين، والصيادين في البحر، وكانوا شعبا مُوحّدًا ومسالمًا، يكرهون التعدّي والعنف، دينهم الإسلام، ولغتهم العربية ".. وجدير بالإشارة، أن تسميته البحر الكاريبي، هي في الأصل عربية، حيث تُنسب إلى أسعد أبو كرب الحميري، وهو أحد من يُنسب إليهم لقب"ذو القرنين"، وكان ملكا عربيا، عاش في الجاهلية، وجاء ذكره في العديد من المصادر التأريخية.. كما أن ثمة دراسة لغوية، تُشير إلى أن شبه جزيرة يوكاتان، الواقعة حاليًا ضمن الأراضي المكسيكية، يُنسب اسمها إلى يقطان، وهو أحد أجداد بني قحطان.
خاتمة
ـــــــــــ لقد أثبتت وقائع التاريخ، أن رحلات المستكشفين العرب والمسلمين في المحيط الأطلسي، حققت ولوجًا كاملاً، إلى العالم الجديد، ولعل ما أوردناه من أدلة وبراهين، وكذلك ما اعترف به كريستوف كولومبس نفسه، كفيلاً بتأكيد السبق العربي الإسلامي، في اكتشاف الأمريكتين.
ونتساءل:
ـــــــــ أما آن الأوان أن يُعاد النظر، في التأريخ لهذا الاكتشاف، وأن يُنسب الحق لأصحابه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق