همسات فلسفية :::
******************
النور الحقيقي هو ذاك النور الذي ينبثق من داخل الانسان ويبين سرائر النفس للنفس؛ ويجعلها فرحة بالحياة مترنمة باسم الروج ...(( جبران خليل جبران )).
قراءة :::
أن التكوين البنياني للأنسان هو عبارة عن مزيج بين المادة التي يمثلها الجسد بمكوناته العضوية والفسيولوجية والبنائية والنفسية ، مع الروح التي هي في حقيقة الأمر لا يمكن لأحد لمسها أو تحديد ماهيتها وبنيانها ، لذا كُنيةً نقول عنها أحياناً بالنفس ، وهي التي تُحدد مكونات شخصية الأنسان ومزاجه الانفعالي إن كان حُباً أو كراهيةً أو رغبةً في شيئ ما أو أدراك محددات غموض الأشياء والتفاعل مع مقومات شعور الآخرين .
والنفس وفق هذه المفاهيم تُؤثر في السلوك الإنساني إن كان بشكل إيجابي أو بشكل سلبي ، بل تُحدده ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابه العزيز عندما قال ( إن النفس لأمارة بالسوء ) ، ( وكل نفس ذائقة الموت ) ( وإنما توفون أجوركم يوم القيامة ونفسٍ وما سواها ألهمها فجورها وتقواها )( لا تُكلف نفسٌ ألا وسعها ) ، واتقو الله يوماً لا تجزي نفسٌ عن نفس شيئاً ولا يقبل منها شفاعة ٌ . ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون .. و وفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون .. يوم تحد كل نفس ما عملت منخيرٍ مُحضراً .. يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ... من أجل ذلك كتبنا على بني أسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً .. ((صدق الله العظيم )) .
هذه الآيات والكثر من غيرها تؤكد على أن النفس هي ذاك الشيئ غير المادي وغير الملموس والذي لا يمكن لأحدٍ من البشر أدراكه ، وهو مجذوب بقوة إلاهية خفية لأن تبقَ مستقرةً في جسد الأنسان ولا تُغادره إلا عند إنتهاء حياة الانسان وموته بأمر الله فتغادر الروح الجسد إلى خالقها ، فيصبح الجسد لا شيئ .
هذا واستناداً لكل ذلك فإن الأنسان بدون النفس ( الروح ) هو لا شيئ يُذكر بل هو مادة عضوية فقط ستذوب في المواد العضوية الأخرى كالتراب وغيره وتتلاشى .
وكون النفس مستقرة بداخل الجسد بقوة الخالق فهي الأكثر حيوية والدافع الأساسي للعقل البشري للتفاعل مع نظرائه من البشر ، وأن أيّ سلوك أو تفاعل بين البشر تؤثر فيه مزاجية الشخص ودرجات انفعاله ، إن كانت انفعالات محبة أو أنفعالات كراهية أو أنفعالات رغبة من الرغبات ،فهذا بمثابة النور الحقيقي غير المرئي ولكن يمكن لمسه من خلال الشعور والأحساس فهو النورالنقي غير المتأثر بسلبيات وملوثات المواد من خارج بوتقة النفس والجسد ، إن كان فضاءً أو أي عوامل مختلفة ، فهي علاقة لا تشوبها أي مشوشات ، كأن تقول حديث الروح للروح ، وهنا تظل النفس ذات علاقة سامية مع النفوس الأخرى .
أكتفي بهذا القدر ...
د. عز الدين حسين أبو صفية ،،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق