القاضي الفاضل "عبد الرحيم بن علي البيساني " بالقلم يبني انتصارًا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي - العراق- 12-4-2019
المولى الإمام العلامة البليغ ، القاضي الفاضل محيي الدين ، يمين المملكة ، سيد الفصحاء ، أبو علي عبد الرحيم بن علي بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن المفرج اللخمي ، الشامي ، البيساني الأصل ، العسقلاني المولد ، المصري الدار ، الكاتب ، صاحب ديوان الإنشاء الصلاحي . ولد سنة تسع وعشرين وخمسمائة . سمع في الكهولة من أبي طاهر السلفي ، وأبي محمد العثماني ، وأبي القاسم ابن عساكر ، وأبي الطاهر بن عوف ، وعثمان بن فرج العبدري . وروى اليسير . وفي انتسابه إلى بيسان تجوز ، فما هو منها ، بل قد ولي أبوه القاضي الأشرف أبو الحسن قضاءها . انتهت إلى القاضي الفاضل براعة الترسل وبلاغة الإنشاء ، وله في ذلك الفن اليد البيضاء ، والمعاني المبتكرة ، والباع الأطول ، لا يدرك شأوه ، ولا يشق غباره ، مع الكثرة .
القاضي الفاضل، أبو علي، محيي الدين، العسقلاني المولد(529 – 596هـ)
(1135 – 1200م) ، فولى أبوه القضاء* في بيسان* فنسب إليها. ولم يعرف عنه أنه تولى القضاء، ولعل لفظة القاضي كانت تستعمل للدلالة على المكانة الثقافية، أكثر من دلالتها على ممارسة صاحبها لمهنة القضاء.كان القاضي ضعيف البنية، يستر احديدابه الطيلسان، وكان مقتصداً في طعامه ولباسه. وقد أشاد من ترجموا له بأخلاقه، فقالوا إنه “كان يسع الناس بأخلاقه كما يسعهم بأمواله”. وكان يكثر زيارة القبور، ويشيع الجنائز، ويعود المرضى. وأخباره مع كتاب والشعراء والعلماء كثيرة وإحسانه إليهم كبير، ولذلك كثر ما قالوه في مذبحة نثراً وشعراً.وقد عرفت مكانة الفاضل هذه عند الخاص والعام، فكان العامة يلجأون إليه فيما يحزيهم من أمور، ليكون لسانهم وسيوفهم إلى السلطان صلاح الدين. وكان الخاصة، مثل نواب السلطان، “إذا ترددوا في عمل، أو خافوا مغبته استشاروا القاضي الفاضل، واجتمعوا برأيه، لأن الأمر الفاضل كان كالأمر السلطاني، إذا استشاروه خلصوا من كل تبعة ودرك”.
وكان القاضي بالذات يمثل أبعد الطموح العربي الإسلامي في ذلك الحين. ولا يتطلع إلى استنفاذ فلسطين فحسب، وإنما كان يتطلع إلى فتح القسطنطينية، ثم إلى فتح رومية، كما شعر بذلك بعض رسائله.
كانت نشأته الأولى في بيسان، حيث تولى أبوه القضاء. وانتقل إلى مصر برفقة أبيه سنة 546هـ. ثم شهد موت أبيه في القاهرة في السنة ذاتها بعد أن صودر. فتوجه إلى ثغر الإسكندرية. واستكتبه قاضيها ابن جديد، فكانت تلك أولى خطاه على طريق الكتابة في عهد الفاطميين*، انتهت به إلى الوزارة بعد ذلك في عهد صلاح الدين الأيوبي*.
قال صلاح الدين الأيوبي عن عبدالرحيم بن علي البيساني (526 - 596هـ /1131 - 1199م)، المعروف بالقاضي الفاضل: "لا تظنوا أني فتحت البلاد بالسيوف، إنما فتحتها بقلم القاضي الفاضل"، ولا ريب في أن هذا الحكم لم يأتِ من فراغ، وبخاصة حينما يصدر عن الرأس المدبِّر للدولة الأيوبيَّة ومؤسِّسها، وعن القائد الذي تحاكي به الأعداء قبل الأصدقاء في بطولاته ونُبْله وكَرَم أخلاقه وطيب سريرته وسماحته، فقد يظن البعض أن صلاح الدين حينما يقول مِثْل تلك المقولة أنه إمَّا مبالغ، وأنه نسب عمله إلى غيره، ولكن تواضعه واعترافه بدور "الفاضل" رفع مكانته في النفوس، ونبهت خصومه إلى خصلة، صعبٌ على أحدهم التحلِّي بها؛ فلا تتجلى عظمة صلاح الدين في انتصاراته وفتوحاته فحسب، وإنما تتجلى في إدراكه أن عوامل انتصاراته وأسبابها ليست مرتبطة بشخصه أو بالقتال العسكري المجرَّد، بل هي متعلقة بفريق متكامل من الشخصيات يملك رؤية وبرنامج للوصول إلى النصر.
وقد أكَّد عددٌ من المؤرخين قوة العلاقة التي ربطت بين "الفاضل" وصلاح الدين، يبدو منها شدة اعتماد الأخير عليه وعلى مشورته في معالجة أمور الدولة؛ فقال ابن خَلِّكَان: "وتمكن منه غاية التمكُّن"؛ يعني من صلاح الدين، وقال الأصفهاني: "وهو ضابط الملك بآرائه، ورابط السلك بآلائه"، وقال أيضًا: "السلطان له مطيع، ما افتتح الأقاليم إلا بأقاليد آرائه، ومقاليد غناه وغنائه"، وقال: "كنت من حسناته محسوبًا، وإلى آلائه منسوبًا"، وعن كتابته قال: "وكانت كتابته كتائب النصر، ويراعته رائعة الدَّهر، وبراعته بارية للبرِّ، وعبارته نافثة في عقد السحر، وبلاغته للدولة مجملة، وللمملكة مكملة، وللعصر الصلاحي على سائر الأعصار مفضلة".
ولا شك أن ثَمَّةَ رابطًا بين ما قاله صلاح الدين بنفسه عن القاضي "الفاضل"، وبين الدور الذي قام به الأخير إلى جواره من خلال رؤيته الإستراتيجيَّة للموقف الراهن، على غرار إدراكه للصورة العامة للموقف السياسي والعسكري في بلاد الشام عقب وفاة "نور الدين محمود"، وتركه جبهة مفككة منقسمة على نفسها بين "مصر ودمشق"، و"حلب والموصل وحمص وحماه"، فحث "الفاضل" صلاح الدين على ضرورة ضَمِّ بعض تلك المدُن المهمَّة التي ستحقق له بالتبعيَّة سيطرة على باقي الكيانات الشامية، وفلسفته لمغزى ضَمِّ تلك المدن بوصفها ستمدُّ صلاح الدين بالدعم المادي والمعنوي، وبتأمين ظهره وقت انشغاله بحروبه مع خصومه، وغلق الطريق على حُكَّامها؛ كيلا يتحالفوا مع الصليبيين، وذلك كله من خلال التوجيه السِّلْمِي للأحداث؛ تحاشيًا لفتح ثغرات تؤدِّي إلى تحالف المسلمين المنشقِّين مع الصليبيين، وربَّما يُعْزَى إلى هذه الإستراتيجية نجاحُ صلاح الدين في توحيد تلك الجبهة في مدة لم تزد عن عشرة أعوام، ليضارع الصليبيين ويهدد كياناتهم وممتلكاتهم فيما بعد.
وربط "الفاضل" بين الكيانات الصليبيَّة في بلاد الشام وأوروبا، وتفهَّم عقيدة القتال لدى الصليبيين، وبخاصة صمودهم وهم يحاربون تحت راية الصليب، وتنبَّه إلى مراكز قواهم، وبخاصة خطر الطوائف الدينيَّة العسكرية: مثل الدَّاوية والإسبتاريَّة، وحثَّ صلاح الدين على التخلُّص منهم حال وقوعهم في الأَسْرِ، ومغزى ذلك، ووقف على مراكز الثِّقَل السياسي والإستراتيجي العام للصليبيين، وبخاصة مساندتهم لبعضهم في أحداث الحملة الصليبية الثالثة، والتفافهم حول الدين يستمدون منه الرابط والدعم، علاوةً على عِلْمه الدقيق بأسلحة "الفرنج" ودفاعاتهم وخُطَطهم، وما إلى ذلك من مراكز ثِقَل وقوى مباشرة وغير مباشرة.
وعلى المستوى الداخلي الخاص بالمسلمين عمومًا وفي مصر خصوصًا، فقد هيَّأت الإجراءات التي أحدثها صلاح الدين - بناءً على نُصْح "الفاضل" - كافة الظروف الداخلية، بحيث باتت أرض المعركة ممهَّدة أمام صلاح الدين بذهن صافٍ، وقد ضَمِن رضا الخلافة عنه، وعن البلدان التي فتحها بمقتضى الشرعيَّة التي أمدته بها الخلافة وأسبغتها عليه، ممثلة في ولاء جيشه ورعاياه له.
ناهيك عن حشد الرأي العام المصري – بما له من ثِقَل اقتصادي وبشري وإستراتيجي - خلف صلاح الدين، من خلال عدد من الإجراءات: مثل استخدامه للشعراء والكُتَّاب والمؤرِّخين على غرار "الأصفهاني"، و"ابن سناء الملك"، و"ابن نُباته"، و"ابن مماتي"، و"ابن شدَّاد" وغيرهم؛ للترويج لسياسة صلاح الدين وحكمه، ومسامحة رجال الأسطول وإكرامهم بناءً على نصح الفاضل، وإسقاط بعض الْمُكُوس والضرائب عن رعيّته ورعايته لحقوق اليتامى، والدفاع عن مصر وكرامتها؛ تقديرًا لشعبها ولما تقدمه لحروبه من دَعم ومساندة، ومحاولة كَسْب قلوب المصريين بالدفاع عنها أمام عاصمة دار الخلافة وغيرها من المدن.
وتحمَّل "الفاضل" مهمة الإعداد النفسي للجنود في وقت الأزمات والهزائم؛ بالتقليل من شأن الهزيمة، والدفع المعنوي لصلاح الدين وجيشه؛ كيلا يقفا عند الهزيمة أو التأثر بها، وتحاشيًا لحدوث تمرُّد أو ثورات بين رعاياه، وبخاصة في مصر التي لم تكد تتخلص من النفوذ الشيعي، وحرص "الفاضل" وقت الانتصار على إيضاح الرهبة والرعب لدى العدو؛ كي يكون ذلك نافذة أو معبرًا نفسيًّا للجنود؛ كيما يتخلصوا من مخاوفهم ويتغلبوا عليها، وربَّما لأَجْل ذلك الغرض كان "الأصفهاني" حريصًا على وجود الفاضل في عمليات الحصار التي دارت حول "عكَّا"؛ لأنه يعي جيِّدًا مكانته ودوره الذي لا يعوضه وجود غيره.
لقد نجح صلاح الدين في مشواره؛ لأنه اعتمد - ضمن ما اعتمد - على "الفاضل" اعتمادًا كليًّا في تدبير كثير من شؤون دولته، وبخاصة النواحي الداخلية والعلاقات الدبلوماسية، وأن عقلية "الفاضل" وثقافته وعِلْمه قد مهَّد لصلاح الدين الكثير من الأمور التي كان في غنًى عن شَغْلِ عقلِه بها، والأكثر من ذلك أنه يلمس أنَّ خُطَى صلاح الدين في حروبه الخارجية وسعيه للوحْدَة في الداخل، قد جاءت نتيجة لخطة مدروسة فيما بينه وبين القاضي "الفاضل"، ولم تكن ارتجالية أو عشوائية، وأنه بالرغم من السلطات الكثيرة التي تفرَّد بها "الفاضل"، فإنه لم يسعَ إلى إساءة استخدامها في تكوين مجدٍ شخصيٍّ أو ثروة مالية، وإنما تحرَّك في حدود المتاح، وخَدَمَ دولة صلاح الدين بحبٍّ يَنْدرُ لَمْسُه في ذوي المناصب الحسَّاسة
قالوا عن القاضي الفاضل
ــــــــــــــــــ
قال ابن خلكان يقال إن مسودات رسائله ما يقصر عن مائة مجلد ، وله النظم الكثير . أخذ الصنعة عن الموفق يوسف بن الخلال صاحب الإنشاء للعاضد ثم خدم بالثغر مدة ، ثم طلبه ولد الصالح بن رزيك ، واستخدمه في ديوان الإنشاء .
قال العماد : قضى سعيدا ، ولم يبق عملا صالحا إلا قدمه ، ولا عهدا في الجنة إلا أحكمه ، ولا عقد بر إلا أبرمه ، فإن صنائعه في الرقاب ، وأوقافه متجاوزة الحساب ، لا سيما أوقافه لفكاك الأسرى ، وأعان المالكية والشافعية بالمدرسة ، والأيتام بالكتاب ، كان للحقوق قاضيا ، وفي الحقائق ماضيا ، والسلطان له مطيع ، ما افتتح الأقاليم إلا بأقاليد آرائه ، ومقاليد غناه وغنائه ، وكنت من حسناته محسوبا ، وإلى آلائه منسوبا ، وكانت كتابته كتائب النصر ، ويراعته رائعة الدهر ، وبراعته بارية للبر ، وعبارته نافثة في عقد السحر ، وبلاغته للدولة مجملة ، وللمملكة مكملة ، وللعصر الصلاحي على سائر الأعصار مفضلة . نسخ أساليب القدماء بما أقدمه من الأساليب ، وأعربه من الإبداع ، ما ألفيته كرر دعاء في مكاتبة ، ولا ردد لفظا في مخاطبة . إلى أن قال : فإلى من بعده الوفادة ؟ وممن الإفادة؟ وفيمن السيادة ؟ ولمن السعادة ؟
وقال ابن خلكان : وزر للسلطان صلاح الدين بن أيوب ، فقال هبة الله بن سناء الملك قصيدة منها :
قال الزمان لغيره لو رامها تربت يمينك لست من أربابها اذهب طريقك لست من أربابها
وارجع وراءك لست من أترابها وبعز سيدنا وسيد غيرنا
ذلت من الأيام شمس صعابها وأتت سعادته إلى أبوابه
لا كالذي يسعى إلى أبوابها فلتفخر الدنيا بسائس ملكها
منه ودارس علمها وكتابها صوامها قوامها علامها
عمالها بذالها وهابها
وبلغنا أن كتبه التي ملكها بلغت مائة ألف مجلد ، وكان يحصلها من سائر البلاد .
حكى القاضي ضياء الدين بن الشهرزوري أن القاضي الفاضل لما سمع أن العادل أخذ مصر دعا بالموت خشية أن يستدعيه وزيره ابن شكر ، أو يهينه ، فأصبح ميتا ، وكان ذا تهجد ومعاملة .
وللعماد في " الخريدة " : وقبل شروعي في أعيان مصر - أقدم ذكر من جميع أفاضل العصر كالقطرة في بحره المولى القاضي الفاضل . إلى أن قال : فهو كالشريعة المحمدية نسخت الشرائع ، يخترع الأفكار ، ويفترع الأبكار هو ضابط الملك بآرائه ، ورابط السلك بآلائه ، إنشاء ، أنشأ في يوم ما لو دون لكان لأهل الصناعة خير بضاعة ، أين قس من فصاحته ، وقيس في حصافته ، ومن حاتم وعمرو في سماحته وحماسته لا من في فعله ، ولا مين في قوله ، ذو الوفاء والمروءة والصفاء والفتوة ، وهو من الأولياء الذين خصوا بالكرامة ، لا يفتر مع ما يتولاه من نوافل صلاته ونوافل صلاته ، يتلو كل يوم . . إلى أن قال : وأنا أوثر أن أفرد لنظمه ونثره كتابا .
قيل : كان القاضي أحدب ، فحدثني شيخنا أبو إسحاق الفاضلي أن القاضي الفاضل ذهب في الرسلية إلى صاحب الموصل ، فأحضرت فواكه ، فقال بعض الكبار منكتا : خياركم أحدب ، يوري بذلك ، فقال الفاضل : خسنا خير من خياركم .
قال الحافظ المنذري : ركن إليه السلطان ركونا تاما ، وتقدم عنده كثيرا ، وكان كثير البر ، وله آثار جميلة . توفي ليلة سابع ربيع الآخر سنة ست وتسعين وخمسمائة .
وقال الموفق عبد اللطيف : كانوا ثلاثة إخوة : أحدهم : خدم بالإسكندرية ، وخلف من الخواتيم صناديق ، ومن الحصر والقدور بيوتا مملوءة ، وكان متى سمع بخاتم ، سعى في تحصيله .
وأما الآخر : فكان له هوس مفرط في تحصيل الكتب ، عنده نحو مائتي ألف كتاب .
والثالث : القاضي الفاضل كان ذا غرام بالكتابة وبالكتب أيضا ، له الدين ، والعفاف ، والتقى ، مواظب على أوراد الليل والصيام والتلاوة .
لما تملك أسد الدين ، أحضره ، فأعجب به ، ثم استخلصه صلاح الدين لنفسه ، وكان قليل اللذات ، كثير الحسنات ، دائم التهجد ، يشتغل بالتفسير والأدب ، وكان قليل النحو ، لكنه له دربة قوية ، كتب من الإنشاء ما لم يكتبه أحد ، أعرف عند ابن سناء الملك من إنشائه اثنين وعشرين مجلدا ، وعند ابن القطان عشرين مجلدا ، وكان متقللا في مطعمه ومنكحه وملبسه ، لباسه البياض ، ويركب معه غلام وركابي ، ولا يمكن أحدا أن يصحبه ، ويكثر تشييع الجنائز ، وعيادة المرضى ، وله معروف معروف في السر والعلانية ، ضعيف البنية ، رقيق الصورة ، له حدبة يغطيها الطيلسان ، وكان فيه سوء خلق يكمد به نفسه ، ولا يضر أحدا به ، ولأصحاب العلم عنده نفاق ، يحسن إليهم ، ولم يكن له انتقام من أعدائه إلا بالإحسان أو الإعراض عنهم ، وكان دخله ومعلومه في العام نحوا من خمسين ألف دينار سوى متاجر الهند والمغرب . توفي مسكوتا أحوج ما كان إلى الموت عند تولي الإقبال . وإقبال الإدبار ، وهذا يدل على أن لله به عناية .
قال العماد : تمت الرزية بانتقال القاضي الفاضل من دار الفناء إلى دار البقاء في منزله بالقاهرة في سادس ربيع الآخر ، وكان ليلتئذ صلى العشاء ، وجلس مع مدرس مدرسته ، وتحدث معه ما شاء ، وانفصل إلى منزله صحيحا ، وقال لغلامه : رتب حوائج الحمام ، وعرفني حتى أقضي منى المنام ، فوافاه سحرا ، فما اكترث بصوته ، فبادر إليه ولده ، فألفاه وهو ساكت باهت ، فلبث يومه لا يسمع له إلا أنين خفي ، ثم قضى -رحمه الله .
قيل : وقف منجم على طالع القاضي ، فقال : هذه سعادة لا تسعها عسقلان .
حفظ القرآن ، وكتب ختمة ، ووقفها ، وقرأ " الجمع بين الصحيحين " على ابن فرح ، عن رجل ، عن الحميدي ، وصحب أبا الفتح محمود بن قادوس المنشئ ، وكان موت أبيه سنة 46 وكان لما جرى على أبيه نكبة اتصلت بموته ، ضرب ، وصودر حتى لم يبق له شيء ، ومضى إلى الإسكندرية ، وصحب بني حديد ، فاستخدموه .
قال جمال الدين بن نباتة : رأيت في بعض تعاليق القاضي : لما ركبت البحر من عسقلان إلى الإسكندرية ، كانت معي رزمة فيها ثياب ، ورزمة فيها مسودات ، فاحتاج الركاب أن يخففوا ، فأردت أن أرمي رزمة المسودات ، فغلطت ، ورميت رزمة القماش . وذكر القاضي ابن شداد أن دخل القاضي كان في كل يوم خمسين دينارا .
الاثنين، 22 أبريل 2019
القاضي الفاضل "عبد الرحيم بن علي البيساني " بالقلم يبني انتصارًا ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د.صالح العطوان الحيالي -
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق