الخميس، 27 سبتمبر 2018

مدينتي التي اضاعت وجهها الشاعر ماجد كاظم علي

ماجد كاظم علي
‏١٦‏ دقيقة ·

مدينتي التي اضاعت وجهها
ماجد كاظم علي

مدينتي التي اصابها الذبول
اصابها الخمول
ساحت بها الغربان
وانتشر الزعيق
فلا هدوء—ولامطر
يغسل الروح من ترسباتها

يوقظ الاعماق
لتصافح قوس قزح
الذي طالما رأيناه
يبتسم في وجوهنا
عندما كنا صغار
كبرنا
وكبرت مدينتي
شخنا
وشاخت مدينتي
نستذكرها ولا نتذكرها
نقبلها
تبصق علينا
نحبها
تكرهنا وترفسنا
نستذكرها بود
فتنسانا بأحتقار
غابت وجوه احبتي فيها
وتعرجت شوارعها المستقيمة
البيوت غيرت ملامحها
هذه ليست بيوت احبتي
ابحث عن اثارها
فلا اجد مطلق اثر لها
يبتسم لي بصدق
يحضنني
يكلمني
يأخذني معه كما الحلم
فقد اكفهر كل شئ
وما عادت الوجوه هي الوجوه
وما عادت الاماني هي الاماني
ولا الاحلام هي الاحلام
كل شئ تبدل وانهار
اهو الزمن؟
الذي حول وجوهنا الى ماركة
مسجلة معروضة
على رصيف بائس
اهي الدموع التي سفحناها؟
وما اكثرها
دفاعا عنها والتي راحت
هباءا منثورا
اهي الذكريات التي مازالت؟
تعرش في الاعماق التي
تعرضت الى الغزو
من قبل الجراد الاصفر
أي شئ حصل لك يامدينتي؟
وانا اسير في شوارعك
التي ماعادت الشوارع
التي اعرفها
اتلمس جدرانك التي ماعادت
جدران
التي كثيرا ماالصقت عليها المنشورات
وكتبت عليها باللون الاحمر
الشعارات الوطنية
وانا اتعرض لرصاص الشرطة
ابحث عن ملامحها الان
في حرف--- او كلمة—او نقطة
لااجدها
من هؤلاء الذين يملؤونك الان
يمتطون فرسك الاصيل
ويرفسونك بأقدامهم القذرة
وانت راضية مطمئنة
وبدون ان اجد ردة فعل واحدة منك
اين ضحكاتك البهية؟
ابتساماتك العذبة
شطأنك
مراكبك
المحملة بخيرات الدنيا
اهوارك
نخيلك
مزارعك الفضية
هواءك الشمالي العذب
مقاهيك
نواديك
سينماتك
صباياك وهن يملأن الشوارع والحدائق
ينزفن شوقا
وبهجة
عيونهن تتطلع في كل
مكان
من اجل نظرة او ابتسامة
او اشارة ما
لواحد منا
يوم كنا فرسانك الاوفياء
وقبل ان تكسر سيوفنا
الخشبية
التي ماقتلت ذبابة
لاننا كنا جنح فراشة
اخلاقنا برقة ورقة الصفصاف يوم
يعانقها الهواء
الان علا الصدأ فوق وجوهنا
وما عادت هي الوجوه
فقد اصبحنا نحن الاغراب
والاغراب ابناءك الاثيرين
اصبحنا بدون ملامح
اشباح تسير على الارض
لايشعر بها احد
سوى اسفلت الطريق
البشاعة سمة العصر الذي نعيش
الطيبة اناء مثقوب
العواطف الصادقة مهزلة
غيوم صيفية
العطاء ارض يباب
لم اعد اعرف ان كنت موجودا
في الحياة
ام ان اوراقي قد طويت
اصبحت حياتي السابقة كاذبة
ام صادقة
فقد ضاع كل شئ
لان البشاعة التي اراها حولي
قد مسختني الى شبح
اماتت الاحساس في داخلي
وما عدت افرق
بين الحقيقة والخيال
بين الصدق والكذب
بين الحب والحقد
يربتون على كتفي
يزينون لي الصورة
وما ان يبتعدوا عني
حتى تأتيني منهم مما لايصدق
اويحدث حتى في الاحلام
متمثلا بقول المتنبي
الذي اصبح مثل بول سكير
واذا اتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي باني فاضل
لتكن الفاضل الوحيد في العالم
لتكن الفاضل الاول والاخير
فبكم تباع فضائلك في هذا الزمن
الجاحد
على رصيف البشعين؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق