الأحد، 30 سبتمبر 2018

نعم الحموات الشاعر السعيد عبد العاطي مبارك

تغريدة الشـــــــعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك – الفايدي
----------------------------------
((( نعم الحموات --- !! )))
= وصية إمامة لابنتها أم اياس عند الزواج .
= وصية أم زوجة القاضي شريح  لزوج ابنتها .
------ 
أي بنية انك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه،فاحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً.
"  إمامة بنت الحارث حماة  الحارث بن عمروملك كندة "
---
أبا أمية إن المرأة لا يُرى أسوأ حالا منها في حالتين، قلت: وما هما : قالت: إذا ولدتْ غلاماً أو حظيت عند زوجها، فإن رابك منها مريب فعليك بالسوط، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم أشر من المرأة الرعناء المدللة.
" حماة القاضي شريح " 
قال القاضي شريح  عن زوجته ... فلبثتْ معي عشرين سنة وما عبتُ عليها شيئا في تلك السنين إلا يوما واحدا , وكنت لها ظالما أيضا.
وكان لي جار من كندة يقال له ميسرة بن عدي أسمعه كل يوم يضرب  زوجته ويؤذيها بلسانه فقلت في ذلك:
رأيتُ رجالاً يضربونَ نساءَهم                     فشُلَّتْ يميني حينَ أضربُ زينبا
أأضربُها من غيرِ ذنبٍ أتتْ بهِ               وما العدلُ مني ضربُ مَن ليس مذنبا
فزينبُ شمسٌ والنساءُ كواكبٌ                         إذا طلعتْ لم تُبدِ منهنَّ كوكبا
وكلُّ محبٍّ يمنحُ الودَّ إلفَهُ                                ويعذرُه يوماً إ ذا هو أذنبا

--------
ربما يعتقد الكثير منا ان أم الزوجين لهما اليد العليا في انجاح وفشل العملية الزوجية معا ، وسط مصاعب الحياة  و متاعبها و لاسيما في الوقت الراهن ، و ان أم الزوجة خصوصا تنغص حياة الزوجين بالتحريض و التعريض دائما ، بل تتدخل في أسلوب المعيشة بطرق فجة فتفسد حالة الانسجام و الود وتبث القلاقل مما ينعكس كل هذا سلبا علي الحياة .
و من ثم يغيب الحب و يكثر الشجار و الخصام و عدم الاستقرار و الهدوء و تحميل كلاهما ما لا يطيق من الأعباء المادية و المعنوية و تمسي الحياة الجميلة من رابع المستحيلات برغم العيش الرغيد !!.
و لكن الآن كل زوجين ينعمان بحياة مستقلة منفصلة تماما عن الأسرة الكبيرة فقد تغيرت المفاهيم ، و أن الخصام و المشكلات أصبحت تخصهما فقط لأسباب كثيرة أخري بمنأي عن الأمهات ، فالقضية في نظري لم تعد قضية " الحموات " بل ترجع الي نفسيهما أولا و أخيرا لأنهما في حياة معزولة بعيدا عن حلبة الصراع قليل ما تطوف الحموات بهما للبعد و الانشغال بالاعمال ليل نهار ، اللهم الا الاتصال عن طريق التواصل او في المناسبات .
نعود الي صنف رائع من الحموات في العصور السابقة حيث نتوقف مع :
= إمامة بنت الحارث و ابنتها أم اياس .
= و أم زوجة القاضي شريح .
و كل منهما لها تجربتها المنصفة للزوج .
مع إمامة بنت الحارث الشيبانى :
---------------------
إمامة بنت الحارث الشيبانى كانت زوجا لعوف بن محلم الشيبانى و كانت تتصف بالحكمة و العقل و الفصاحة وسداد الرأى و قوة البيان .
نصحت إمامة ابنتها ( ام اياس) قبل زواجها قائلة : ( أي بنية ان الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك , و لكنها تذكرة للغافل و معونى للعاقل , و لو ان امرأة استغنت عن الزوج لغنى ابويها وشدة حاجتهما إليها , كنت أغنى الناس عنه و لكن النساء للرجال خلقن و لهن خلق الرجال )
وحيث اوصت ابنتها ليلة زفافها من الحارث بن عمروملك كندة ، وهي تعبر عن القيم الاجتماعية التي كانت سائدة في ذلك العصر ، إذ يتجلى فيها حرص الوالدة على مستقبل ابنتها وسعادتها ، حيث تقدم لها خلاصة تجربتها فيما ينبغي أن يكون عليه الزواج الناجح ، والحياة الهنيئة بين الزوجين .
أوصت أمامة بنت الحارث الشيباني ابنتها أم إياس عند زفافها الى عمرو بن حجر أمير كندة فقالت:
أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت لذلك منك، ولكنها تذكر للغافل ومعونة للعاقل، ولو أن أمرأة أستغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغن الناس عنه،ولكن النساء للرجال خلقن،ولهن خلق الرجال.
أي بنية انك فارقت الجو الذي منه خرجت، وخلفت العش الذي فيه درجت، إلى وكرٍ لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه،فاحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً.
أما الأولى والثانية:فالخشوع له بالقناعة،وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة:فالتفقد لموقع عينية وأنفه،فلا تقع عينه منك علي قبيح،ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة:فالتفقد لوقت منامه وطعامه،فإن تواتر الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة:فالاحتراس بماله، والإرعاء بحشمه وعياله،وملاك الأمر في المال حسن التقدير،وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة:فلا تعصين له أمراً،ولا تفشين له سراً فإنك إن خالفت أمره، أوغرت صدره، وإن أفشيت سره، لم تأمني غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتماً، والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.

= مع حماة القاضي شريح وزوجته زينب :
----------------------------------------
ذكر الشعبي هذه القصة :

إنها قصة زواج الإمام العَلَم القاضي شريح رحمه الله رحمة واسعة يرويها الامام الشعبي.
  قال الشعبي :
لَقِيَني القاضي شريح، فقال لي: يا شعبي إذا رغبتَ في الزواج فعليك بنساء بني تميم، فإني رأيتُ لهن عقولا راجحة ، وأدبا جما , ودينا وخُلُقا , وجمالاً نادرا , فقلت وما رأيتَ من عقولهن؟
قال : أقبلتُ ذات يوم من دفن جنازة وقت الظهر، فمررتُ بدور بني تميم وإذا أنا بعجوز تجلس أمام باب دارها وإلى جانبها جارية "فتاة صغيرة" كأحسن ما رأيتُ من الجواري، كأنها البدر ليلة تمامه , فمِلتُ إليها، واستسقيتُها (أي طلبت أن يسقوني) وما بي من عطش , فقالت لي (يعني العجوز): أيُّ الشراب أحب إليك؟ قلت: ما تيسر.
قالت: ويحك يا جارية!! قومي فائيتهِ بلَبنٍ، فإني أظن الرجل غريباً.
فقلتُ للعجوز بعد أن شربتُ من اللبن : يا خالة أخبريني مَنْ تكون هذه الجارية منك؟ قالت: هي ابنتي زينب بنت حدير التميمي إحدى نساء بني حنظلة.
قلت: أهي فارغة أم مشغولة؟  أقصد هل هي متزوجة أو مخطوبة , قالت: بل فارغة.
قلت أتزوجينيها؟ قالت : نعم , إن كنت كفؤا لها , فاذهبْ الى عمّها فحدثهُ بمثل ما حدثتني به فإنها يتيمة الاب.

يقول القاضي شريح :
فتركتها ومضيتُ إلى منزلي لأقيلَ فيه، فامتنعت مني القائلة ولم يأتيني النوم لانشغال تفكيري بتلك الجارية، فلما صليتُ العصرَ أخذت بيد إخواني من العرب الأشراف : علقمة والمسيّب وغيرهما ، ومضيتُ أريد عمّها ـ ويبدو أنه كان يعرفني ـ فاستقبلنا في بيته أحسن استقبال وقال : ما شأنك أبا أمية؟ قلتُ : زينب ابنة أخيك , قال: ما بها عنك رغبةٌ، وما بك عنها من نقص, قلت : فزوجنيها , قال :
نعْمَ الزوج انت , فأرسل لبعض رجال بني تميم وزوجني زينب بحضرتهم وبشهادتهم.

فلما صارت زينب في عصمتي ندمتُ وقلتُ أي شيء صنعتَ يا شريح؟  فنساء بني تميم، مشهورات بغلظ قلوبهن وقساوة معاشرتهن، فقلتُ في نفسي سأطلقها قبل أن أدخل بها ، ثم قلت : لا، سأدخل بها أولا، فإن رأيتُ منها ما أحب أمسكتُها وإلا كان الطلاق.
فلو شهدتني يا شعبي تلك الليلة ـ يقول القاضي شريح ـ وقد أقبلتْ نساؤها معها حتى أدخلوها عليَّ.
فقالت حين دخلتْ : إن من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم ويصلي ركعتين ويسأل الله تعالى من خيرها ويتعوذ من شرها, فتوضأتُ فإذا هي تتوضأ مثلي، وصليتُ فإذا هي تصلي بصلاتي، فلما قضيتُ صلاتي أَتتني جواريها فأخذن ثيابي وألبسنني حلّةً قد صُبغت بالزعفران وطُيِّبت بالمسك والبخور.

فلما خلا البيت لنا وذهبت الجواري وبقينا لوحدنا ,دنوتُ منها، فمددت يدي إلى ناصيتها لأكشف الغطاء عن وجهها، فقالت على رسلك أبا أمية, ثم قالت :
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستهديه، وأصلي وأسلم على محمد وعلى آله، أما بعد ، فإني امرأةٌ غريبة لا علمَ لي بأخلاقك فبيِّنْ لي ما تحب فآتيه، وما تكره فأجتنبه، فإنه قد كانت لك زوجة سابقة في قومك ، والآن قد ملكتَ، فاصنعْ ما أمرك الله تعالى به، إما إمساكٌ بمعروف أو تسريح بإحسان، أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولك ولجميع المسلمين.

قال: فأحوجتني الفتاة ــ والله يا شعبي ــ إلى الخطبة في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله أحمده وأستعينه، وأصلي وأسلم على محمد وآله , أما بعد، فإنك قلتِ كلاماً إن ثبَتِّ عليه يكُنْ ذلك حظاً لي، وإن تدعيه يكن حجة عليك ، إني أحب كذا وكذا وأكره كذا وكذا ، وما رأيتِ من حسنة فبُثِّيها، وما رأيتِ من سيئة فاستريها, فقالت: كيف محبتك لزيارة الأهل؟ قلت: ما أحب أن يملني أصهاري.
قالت: فمن تحب من جيرانك يدخل دارك فآذنُ له، ومن تكره منهم فأكرهه؟ قلت: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم سوء.
قال: فبتُّ معها يا شعبي بأنعم ليلة وأسعدها، ومكثتْ معي عاما لم أرَ منها قط إلا ما أحب.

فلما كان رأس الحول جئتُ من مجلس القضاء، وإذا أنا بعجوز في الدار تأمر وتنهى , قلت: من هذه؟ قالوا فلانة أم زوجتك، قلت: مرحباً وأهلا وسهلا.
فلما جلستُ أقبلتْ العجوز عليّ وقالت : السلام عليك يا أبا أمية، فقلت وعليكِ السلام ومرحباً بك وأهلا , قالت : كيف وجدتَ زوجتك؟ قلت: خير زوجة وأوْفَقُ قرينة.. لقد أدّبتِ فأحسنتِ الأدب، وريّضت فأحسنت الرياضة، فجزاك الله خيراً.
فقالت: أبا أمية إن المرأة لا يُرى أسوأ حالا منها في حالتين، قلت: وما هما : قالت: إذا ولدتْ غلاماً أو حظيت عند زوجها، فإن رابك منها مريب فعليك بالسوط، فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم أشر من المرأة الرعناء المدللة.
فقلت: والله لقد أدبت، فأحسنت الأدب، وريضت فأحسنت الرياضة، قالت: كيف تحب أن يزورك أصهارك؟ قلت: ما شاءوا، فكانت تأتيني في رأس كل حول فتوصيني بتلك الوصية.

قال شريح فلبثتْ معي عشرين سنة وما عبتُ عليها شيئا في تلك السنين إلا يوما واحدا , وكنت لها ظالما أيضا.
وكان لي جار من كندة يقال له ميسرة بن عدي أسمعه كل يوم يضرب  زوجته ويؤذيها بلسانه فقلت في ذلك:
رأيتُ رجالاً يضربونَ نساءَهم                     فشُلَّتْ يميني حينَ أضربُ زينبا
أأضربُها من غيرِ ذنبٍ أتتْ بهِ               وما العدلُ مني ضربُ مَن ليس مذنبا
فزينبُ شمسٌ والنساءُ كواكبٌ                         إذا طلعتْ لم تُبدِ منهنَّ كوكبا
وكلُّ محبٍّ يمنحُ الودَّ إلفَهُ                                ويعذرُه يوماً إ ذا هو أذنبا
هذه كانت صفحات من حياة العرب تبرز حكمة الحموات في فن التعامل مع الحياة الزوجية في مثالية حيث ترسم مساراتها الصحيحة السليمة علي أسس القيم و الاخلاق في  توازن من باب  التذكرة للعاقل و الغافل كي تستمر صيرورة الحياة  ، فما أكثر  المنغصات في استمرارية الحياة الزوجية  أمام التحديات و المعوقات  الكثيرة و التي يكون من بينها دور الحموات السلبي  فيطمس ربقة  الحب و الاستقرار و الود و التفاهم ، لكن هنا نقدم نموذجين رائعين ايجابيين نتأملهما معا .
و معظم السلبيات تظهر قبل الزواج  للتردد و التلاقي و الشروط المجحفة مع تكاليف الزواج الباهظة  ، و قد ندر دور الحموات بعد الزواج بسبب  المعيشة الخاصة المنفصلة عن الاسرة و البعد عن الاقامة للعمل او السفر --- الخ  .
فياليتنا جميعا نترك الأمر للزوجين و لا نتدخل الا بالكلمة الطيبة الفاصلة مثل حكم المباراة  المنصف دائما .
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي أن شاء الله .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق