الأحد، 30 سبتمبر 2018

من عنده عتيق للبيع الشاعر عبد الزهرة خالد

من عنده عتيق للبيع
————————
تستفزني مكبراتُ الصوت المحمولة على أكتاف ( الستوتة ) كلما يمرّ صاحبها لشراء ما هو عتيق ولا يرغب ابداً بشراء السلع الجديدة غير مستعملة لأمور تخص اقتصاد البلد أو جيبه الخاص .
لا يحدده وقت هذا التجوال بين الأزقة والحارات التي تنعم بخزين كاف من المواد المستهلكة من مختلف المناشيء وأنواع الصناعات منها الحديدية والبلاستيكية والخشبية حتى بطاريات السيارات هي المرغوبة حتماً .
راحت تراودني الفكرة ولا غرابة في ذلك عندما أنادي بأعلى صوت من عنده علك عتيق للبيع ، ربما لا أجد زبوناً واحداً في تجوالي أو بالعكس سوف أشجع الناس بجمع ما يعلكه من علكة والاحتفاظ به لحين المرور عليه مرةً أخرى لاشتريه منه بأي ثمن أو المقايضة ب( علاكة)من( شعر البنات الملون ) ٠
ذكرني العلك أيام الستينات كان عزيزاً جداً ولا يرمى في سلال القمامة بل يثبت على الجدار المصنوع من القصب لهيكل الكوخ ، أو على الحائط بحيث لا يعرف مكانه إلا صاحبه لكي لا يؤخذ من المتطفلين واستعماله مرة أخرى.
لا تستغرب عزيزي القارئ ، أنا عاطل عن العمل وأعيل العديد من الأولاد والأحفاد هم أيضاً عاطلين عن العمل ، لذا كان قراري في شراء العلك المستعمل جاء نتيجة الحاجة لكن دعونا نفكر معاً كيف نتصرف بالكمية التي ستتجمع جراء الشراء ، منْ يشتري منا البضاعة التي لن تبور .
تبا للعالكين والعلك المسكين يغامر بين الفكين ليسترق سمع الأنين أو لحن الحنين ، ربما نصيبه كان مذموما حينما وقع بين فكي أهوج ماكر متين يثرثر كثيراً بعد احتساء النبيذ الأبيض كاد أن يوقع في بطنه لولا عشيقته تلاقفت الموقف بكل هدوء وسكينة . في أحدى البالاتِ تشكو كومة صفراء تميل بلونها نحو الخضرة كأنها أمتزجت الشكوى مع برسيم بارد  من الكذب الباهت حينما سألوا الزبون عن آخر مشروع انجزه ، ظل يهذي ويهذي ويلف ويدور معه العلك المستور أراد الفرار من تلك الأضراس ولو بدفع رشوة خفيفة للمنقذ الآتي من وراء البحار .
كالعادة خسرت رأسمالي الكبير  عندما سقطت ما جمعته جراء الشراء الوفير من دراجتي ( الستوتة ) قبل أن أصل إلى البيت العتيق وأقايض ببعض أكياس من ( شعر بنات ، وين أولي وين أبات )..
لقد فقد صواب علكي عندما فضحت دورانه بلا معنى حتى أجبر أنساني على عض لساني المسكين الذي ينتظر فتح فاهي لأية لقمة تسكته في موسم الثواب من الطبيخ والقيمة .
———————
عبدالزهرة خالد
البصرة / ٣٠-٩-٢٠١٨

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق