ذِكْراكِ أَقْوى من النِسْيان ..
....................................
يتسللُ شبحُ النسيانِ لأَرْوقَةِ الذاكِرَةِ يجوبُ فيافيَ صبّار التصبر يمزقُ أوراقَ الذكرياتِ المُتكِئة على قِفارِ السَلوى يعبثُ بالصورِ يُقَلِّبُها يَعفو رسومَها يَمحو آثارَها المُتغلغلة في الوجدانِ يقطعُ أوتارَ الحَنين المَعقودةِ بالشرايين يثقبُ أوردةَ نايِّ التَوقِ يخنقُ نَبَضات الفُؤاد ويُقطّعُ نياطَها ، الروحُ تصرخُ تُهيّجُ جروحَ الفقدِ ثَمَةَ طارِئ مُريبٍ يجتاحُ قلاع َالودِّ ينسفُ جسورَ العِشْق ، نبضُ أشجار الحنين تُحرّكُ الوجدَ يُزْهِرُ أوراقَ غُصن ذلكَ الفرع يوقظُ شَبّوي ليلِ الفراق يبعثُ بشذاهُ إلى ذراتِ ذلكَ الفراغ فتتضوعُ أرجاؤُه بذيّاكَ العِطر ، يَحْتدمُ الصراعُ الأشباحُ تتقهقرُ أمامَ سطوةِ ما نُقِشَ على جدار الوجدان وما حُفِرَ من أخاديدِ حُبٍّ لتلكَ الوالدة التي رحلتْ روحُها وظلّ طيفُها يسامرُ النَبَضات وينادمُ الخَفَقات يسري في الدماءِ ويسجر إوارَ الجَمَرات ، بعضٌ من ضوئِها يشعّ في الظلام يوقدُ شموعَ العتمةِ يخففُ وطْأَ أقدامِ الفقدِ ويلوي عنقَ الرحيلِ ، صيحاتُ الحنين ترتجّ لها حجراتُ الروح وتهتزُ لها ضِفافُ السنين تفزّزُ الشروخَ وتنكأ الجروحَ ..
ذكراكِ تتوغلُ في رسمِ شوقي كنهرٍ جارفٍ يُغرقُني ، ذكراكِ طائرُ خيالٍ يغرسُ مخلبَهُ عميقاً في قلبي وتبقى عوالمُ دِفْء أحضانكِ لنْ تصلها شمسٌٌٌ تحترق أو بركانٌ يلتهبُ ، وتبقى سطوةُ الرحيل هاجساً مريراً يدقّ ناقوسَ اوقاتي ويقرعُ أجراسَ مرافِئَ أيامي لتوقدَ قناديل الأَملِ في برزخي الآتي فقدْ قايضتُها بالحياة لأربحَ آخرتي أخسرُ لوناً وأكسبُ ألوانَ طيفِها الزاهي .
كَامِل عبد الحُسين الكَعْبِي
العِراقُ _ بَغْدادُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق