الخميس، 29 مارس 2018

الشجاعة والصبر الإقدام بقلم د.صالح العطوان الحيالي

الشجاعة والصبر والإقدام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي -العراق - 26-3-2018
الشجاعة هي المواقف البطولية التي يخوضها الإنسان في حياته سواء أكانت مواقفاً تتعلق به أو بالناس وهي أهمّ مقومات النجاح، فحتى تنجح بحياتك يجب أن تكون شجاعاً وتتحدّى الخوف لأنّه عدوّ النجاح ...
الشجاعة من أروع وأنبل الصفات التي تحلّى بها العرب، فهي قوة في النفس وثقة بالله، وهي القدرة على مواجهة الصعاب والمخاطر والظلم والقهر، والتغلّب على مصاعب الحياة بإيمان وصبر وتحمّل وعدم الضعف والاستسلام، وهنا أجمل الحكم عن الشجاعة والقدرة على الصمود..إن الشجاعة ليست غياب الخوف، ولكن القدرة على التغلب عليه. الحذر ليس بجبن، كما أن التهور ليس بشجاعة.الشجاعة وسيلة للخوف والثقة.
الرجل الذي تتوفر فيه الشجاعة بلا استقامة لا يعدو ان يكون قاطع طريق.
ليس باستطاعتنا أن نكتشف محيطات جديدة ما لم تكن لدينا الشجاعة بأن نخسر منظر الشاطئ.سنعمل معا لدعم الشجاعة حيث هناك خوف، لتشجيع التفاوض عندما يكون هناك صراع، وإعطاء الأمل حيث يوجد اليأس.أهم شيء هو ألّا تخاف، فعدوك الذي يجبرك على التراجع يخافك في تلك اللحظة ذاتها.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الشجاعة غريزة يضعها الله فيمن
يشاء من عباده، إن الله يحب الشجاع ولو على قتل حية".
وقالوا: حد الشجاعة سعة الصدر بالإقدام على الأمور المتلفة.
وسئل بعضهم عن الشجاعة فقال: جبلة نفس أبية، قيل له: فما النجدة؟ قال: ثقة النفس عند استرسالها إلى الموت، حتى تحمد بفعلها دون خوف. وقيل لبعضهم: ما الشجاعة؟ فقال: صبر ساعة. وقال بعض أهل التجارب: الرجال ثلاثة: فارس، وشجاع، وبطل، فالفارس: الذي يشد إذا شدوا، والشجاع: الداعي إلى البراز والمجيب داعيه، والبطل: الحامي لظهور القوم إذا ولوا. قال يعقوب بن السكيت في كتابالألفاظ: العرب تجعل الشجاعة في أربع طبقات، تقول: رجلٌ شجاعٌ، فإذا كان فوق ذلك، قالوا: بطلٌ، فإذا كان فوق ذلك، قالوا: بهمةٌ، فإذا كان فوق ذلك، قالوا: اليس. وقال بعض الحكماء: جسم الحرب: الشجاعة، وقلبها، التدبير، ولسانها: المكيدة، وجناحها: الطاعة، وقائدها: الرفق، وسائقها: النصر. قالوا: لما ظفر المهلب بن أبي صفرة بالخوارج، وجه كعب بن معدان إلى الحجاج، فسأله عن بني المهلب، فقال: المغيرة فارسهم وسيدهم، وكفى بيزيد فارسا شجاعا، وجوادهم وشيخهم: قبيصةٌ، ولا يستحي الشجاع أن يفر من مدرك، وعبد الملك: سمٌ نافعٌ، وحبيبٌ: موتٌ زعافٌ، ومحمدٌ: ليث غابٍ، وكفاك بالمفضل نجدة، قال: فكيف خلفت جماعة الناس؟ قال: خلفتهم بخير، قد أدركوا ما أملوا، وأمنوا ما خافوا، قال: فكيف كان بنو المهلب فيهم؟ قال: كانوا حماة السرج نهارا، فإذا أليلوا ففرسان البيات، قال: فأيهم كان أنجد؟ قال: كانوا كالحلقة المفرغة، لا يدري أين طرفها، قال: فكيف كنتم أنتم وعدوكم؟ قال: كنا إذا أخذنا، عفونا، وإذا اجتهدوا، اجتهدنا فيهم، فقال الحجاج: إن العاقبة للمتقين. وقالوا: أشجع بيت قاله العرب قول العباس بن مرداس السلمي:
أشد على الكتيبة لا أبالي أحتفي كان فيها أم سواها
وقد مدح الشعراء الشجاعة وأهلها، وأوسعوا في ذلك، فمن ذلك قول المتنبي:
شجاعٌ كأن الحرب عاشقةٌ له إذا زارها فدته بالخيل والرجل
الصبر والإقدام
قال الله عز وجل: "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم
تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع
الصابرين". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا وأكثروا من ذكر الله وإن جلبوا وضجوا فعليكم بالصمت".
ومن كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: رب حياةٍ، سببها التعرض للموت، ورب
منية، سببها طلب الحياة. وقالوا: أجمع كلمة قيلت في الصبر قول بعضهم: الصبر مطية النصر. وقال آخر: الصبر مطيةٌ لا تكبو، وإن عنف عليه الزمان.
وقال آخر: الصبر شرية، تثمر أرية.
وقيل للمهلب بن أبي صفرة: إنك لتلقي نفسك في المهالك، فقال: إن لم آت الموت مسترسلا، أتاني مستعجلا، إني لست آتي الموت من حبه، وإنما آتيه من بغضه، وتمثل بقول الحصين بن الحمام:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياةً مثل أن أتقدما
وهي قصيدة مشهورة منها:
فلسنا على الأعقاب تدمي كلومنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما
نفلق هاماً من كرامٍ أعزةٍ علينا وهم كانوا أعق وأظلما
ولما رأينا الصبر قد حيل دونه وإن كان يوما ذا كواكب مظلما
صبرنا وكان الصبر منا سجيةً بأسيافنا يقطعن كفا ومعصما
وقالت العرب: الشجاعة وقاية، والجبن مقتلة. وكذلك: إن من يقتل مدبرا، أكثر ممن يقتل مقبلا. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لخالد بن الوليد: احرص على الموت، توهب لك الحياة . وقالت الحكماء: استقبال الموت، خير من استدباره.
وقال العلوي:
محرمةٌ أكفال خيلي على القنا وداميةٌ لباتها ونحورها
وقال أبو تمام:
قلوا ولكنهم طابوا فأنجدهم جيش من الصبر لا يحصى له عدد
وما زالت العرب يتمادحون بالموت قعصاً، ويتسابون بالموت على الفراش، ويقولون فيه:
مات فلان حتف أنفه، وأول من قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومدح أعرابي قوماً فقال:
يقتحمون الحرب كأنما يلقونها بنفوس أعدائهم
وقال عبد الله بن الزبير لما بلغه قتل أخيه مصعب: إن يقتل فقد قتل أخوه وأبوه وعمه، إنا والله لا نموت حتفاً ولكن قعصاً بأطراف الرماح، وموتاً تحت ظلال السيوف، وقال
السموءل بن عادياء:
وما مات منا سيد في فراشه ولا طل منا حث كان قتيل
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم صفين، وقد قيل له: أتقائل أهل الشام بالغداة، وتظهر بالعشي في إزار ورداءٍ؟ فقال: أبالموت تخوفونني؟ فوالله ما أبالي، أسقطت على الموت، أم سقط الموت علي، وقال لابنه الحسن: لا تدعون أحدا إلى المبارزة، وإن دعيت إليها فأجب، فإن الداعي باغٍ، وللباغي مصرعً. وقال رضي الله عنه:
"بقية السيف أنمي عددا". يريد أن السيف إذا أسرع في أهل بيتٍ كثر عددهم ونمى.
وقال ابن عباس رضي الله عنه: عقمت النساء أن تأتي بمثل علي بن أبي طالب رضي
الله عنه، لعهدي به يوم صفين، وعلى رأسه عمامة بيضاء، وهو يقف على شرذمةٍ شرذمة من الناس، يحضهم على القتال، حتى انتهى إلي، وأنا في كنفٍ من الناس، وفي أغيلمة من بني عبد المطلب، فقال: يا معشر المسلمين، تجلببوا السكينة، وكملوا اللأمة، وأقلقوا السيوف في الأغماد، وكافحوا بالظبا، وصلوا السيوف بالخطا، فإنكم بعين الله، ومع ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاودوا الكر، واستحيوا من الفر، فإنه عار في الأعقاب، ونار في الحساب، وطيبوا على الحياة أنفسا، وسيروا إلى الموت سيرا سجحا، ودونكم هذا الرواق الأعظم، فاصبروا، فإن الشيطان راكب صعدته، قدموا للوثبة رجلا، وأخروا للنكوص أخرى، فصمداً صمداً، حتى يبلغ الحق أجله، والله معكم، ولن تترككم أعمالكم، ثم صدر عنا، وهو يقرأ "قاتلوهم يعذبهم الله بأيديهم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قومٍ مؤمنين".
وكان معاوية بن أبي سفيان يتمثل يوم صفين بهذه الأبيات:
أبت لي شيمتي وأبي بلائي وأخذي الحمد بالثمن الربيح
وإقدامي على المكروه نفسي وضربي هامة البطل المشيج
وقال قطري بن الفجاءة أمير الخوارج:
وقولي كلما جشأت لنفسي من الأبطال ويحك لا تراعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق