الاثنين، 30 يوليو 2018

أنا والليل الشاعر محمود الزبيدي

أنا والليل ....‏
بعد مئات السنين لا يعرف المكانَ أحدٌ ...الرياحُ سوف تعيد تجميع الطرق ...وذلك الركن ‏الساكن من الحديقة تتحول مياههُ الزرقاء إلى مياهٍ داكنةٍ تخنقها الأوراق المتساقطة من ‏الأشجار الهرمة ...ومقاعد الرخام الجميلة يلفها اللبلاب ويحولها إلى صمتٍ عميقٍ كأنّهُ موت ‏‏...وجاء الليلُ بشخصهِ المبهم مرتدياً الرداء الأسود المرصع بالنجوم وأخذَ يطوفُ ويتجول فوقَ ‏البرِ والبحرِ حاملاً عصاهُ المخدِّرة ...يا أيها الليلُ هل سننعمُ يوماً بالسلام مثل الأشجار المورقة ‏عندما يحيي المطر أغصانها ..؟ هل طريق النهاية سيكون أفضل من طريق البداية ..؟ هل ‏صحيح توجد منازلٌ للأحياء فوق الغيوم الساكنات في أعالي الجبال ..؟ هل سنعيشُ أياماً تكون ‏كافيةً للحياة ..؟هل نتغير في الحياة الأخرى أم نبقى على حالنا ..؟ هل نحن متخذون نفس ‏مواقعنا أم هناك تغير ..؟ يا ترى كم مرةٍ تشرقُ الشمسُ هناك ..؟ أو كم مرةٍ تتراكم الغيوم ..؟ ‏يا ترى هل السماءُ فعلاً فوقنا أم تحتنا ..؟ هل صحيح أنَّ أرواحَنا ستحلقُ بعيداً في السماء ‏الصافية تعانقُ الضوء وتتأملُ في المرآة الممتدة على طولِ البحر ..؟ وما زلتُ أسأل حتى قال ‏لي : تمهل يا محمود ما هذه الأفكار اللعينة التي لديك ... سوف أجيبك على ما لم تستطع عليهِ ‏صبرا ...أنت تحاولُ الهروب بلا هوادةٍ نحو فضاءٍ خالدٍ ولكن عواصف الوقت الكافر تنثر ‏أوراقك بين تعاريج الحزن وطيات النسيان ...روحكَ غريبةٌ وسوف تبقى غريبة ...أيامكَ ‏سوف تمرُ خِلْسةً تحملُ آلامَ الميلاد والموت المشؤميّن بدون أنْ يشعرَ بك أحد ...تسيرُ بين ‏الناس ولكن لا أحد يراك ...تتكلم عندما يُخيّمُ الصمتُ على الجميع ...تبقى واقفاً على قدميكَ ‏عندما يموتُ الجميع .... أنت يا محمود لستَ أنتَ ..! أنت في حقيقة الأمر فكرةٌ جاءتْ من ‏أعماق المجهول ...وسوف تعودَ في يومٍ ما إلى ذلك المجهول أيضاً ...   ‏
‏#محمود # الزبيدي ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق