أنا والليل ....
بعد مئات السنين لا يعرف المكانَ أحدٌ ...الرياحُ سوف تعيد تجميع الطرق ...وذلك الركن الساكن من الحديقة تتحول مياههُ الزرقاء إلى مياهٍ داكنةٍ تخنقها الأوراق المتساقطة من الأشجار الهرمة ...ومقاعد الرخام الجميلة يلفها اللبلاب ويحولها إلى صمتٍ عميقٍ كأنّهُ موت ...وجاء الليلُ بشخصهِ المبهم مرتدياً الرداء الأسود المرصع بالنجوم وأخذَ يطوفُ ويتجول فوقَ البرِ والبحرِ حاملاً عصاهُ المخدِّرة ...يا أيها الليلُ هل سننعمُ يوماً بالسلام مثل الأشجار المورقة عندما يحيي المطر أغصانها ..؟ هل طريق النهاية سيكون أفضل من طريق البداية ..؟ هل صحيح توجد منازلٌ للأحياء فوق الغيوم الساكنات في أعالي الجبال ..؟ هل سنعيشُ أياماً تكون كافيةً للحياة ..؟هل نتغير في الحياة الأخرى أم نبقى على حالنا ..؟ هل نحن متخذون نفس مواقعنا أم هناك تغير ..؟ يا ترى كم مرةٍ تشرقُ الشمسُ هناك ..؟ أو كم مرةٍ تتراكم الغيوم ..؟ يا ترى هل السماءُ فعلاً فوقنا أم تحتنا ..؟ هل صحيح أنَّ أرواحَنا ستحلقُ بعيداً في السماء الصافية تعانقُ الضوء وتتأملُ في المرآة الممتدة على طولِ البحر ..؟ وما زلتُ أسأل حتى قال لي : تمهل يا محمود ما هذه الأفكار اللعينة التي لديك ... سوف أجيبك على ما لم تستطع عليهِ صبرا ...أنت تحاولُ الهروب بلا هوادةٍ نحو فضاءٍ خالدٍ ولكن عواصف الوقت الكافر تنثر أوراقك بين تعاريج الحزن وطيات النسيان ...روحكَ غريبةٌ وسوف تبقى غريبة ...أيامكَ سوف تمرُ خِلْسةً تحملُ آلامَ الميلاد والموت المشؤميّن بدون أنْ يشعرَ بك أحد ...تسيرُ بين الناس ولكن لا أحد يراك ...تتكلم عندما يُخيّمُ الصمتُ على الجميع ...تبقى واقفاً على قدميكَ عندما يموتُ الجميع .... أنت يا محمود لستَ أنتَ ..! أنت في حقيقة الأمر فكرةٌ جاءتْ من أعماق المجهول ...وسوف تعودَ في يومٍ ما إلى ذلك المجهول أيضاً ...
#محمود # الزبيدي
الاثنين، 30 يوليو 2018
أنا والليل الشاعر محمود الزبيدي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق