الجمعة، 23 نوفمبر 2018

الصحابي العلاء بن الحضرمي اول قائد بحري في الإسلام بقلم د.صالح العطوان الحيالي

الصحابي العلاء بن الحضرمي أول قائد بحري في الإسلام رضي الله عنه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي 15-11-2017
العلاء بن الحضرمي -واسم الحضرمي عبد الله- بن عباد بن أكبر بن ربيعة بن مالك بن أكبر بن عويف بن مالك بن الخزرج بن أبي بن الصدف .ولا يختلفون أنه من حضرموت حليف حرب بن أمية ومن كتبة الوحي. بعثه النبي سفيراً وأميراً وجابياً ومجاهداً وقائداً. وحمَّلَهُ رسالة الإسلام لملك إقليم البحرين من قبل الفرس المنذر بن ساوى، في القرن السابع الميلادي الموافق للسنة الثامنة الهجرية. بعد وفاة المنذر بن ساوى التميمي تولى العلاء الحضرمي الحكم وعُرف بالشجاعة والإقدام والورع والإيمان العميق وكان صاحب إرادة قوية وبصيرة وبعد نظر ومعرفة بالرجال والرغبة الشديدة في خدمة الإسلام.ولاه النبي صلى الله عليه وسلم البحرين، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو عليها فأقره أبو بكر خلافته كلها ثم أقره عمر وتوفي في خلافة عمر سنة أربع عشرة وسكن أبوه مكة وحالف حرب بن أمية والد أبي سفيان بن حرب فهو حليف بني امية.كان الصحابي الجليل العلاء بن الحضرمين من الصادقين في خدمة الإسلام والمسلمين، ومن كتبة الوحي، وبعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- سفيرا وأميرا وجابيا ومجاهدا وقائدا.
سفير وداعية
ــــــــــــــــــــــــ ولد العلاء بمكة وبها نشأ وترعرع، وتعلم القراءة والكتابة، وأسلم قبل فتح مكة، وفي رواية انه أسلم قديما، ورجحت كتب السيرة النبوية أنه أسلم قبل فتح مكة فبدأ نشاطه في السلام والحرب مع المسلمين متأخرا عن المسلمين الأولين السابقين الى الإسلام. وكان له شرف الصحبة والجهاد تحت لواء النبي-عليه الصلاة والسلام- وشهد فتح مكة، ويوم حنين وحصار الطائف في السنة الثامنة الهجرية، وبعثه الرسول-صلى الله عليه وسلم- سفيرا وداعيا من دعاته إلي أهل عمان ليعلمهم شرائع الإسلام وصدقات أموالهم، كما بعثه إلى المنذر بن ساوي العبدي بالبحرين، وكتب إليه الرسول-عليه الصلاة والسلام- كتابا يدعوه فيه الى الإسلام، ونجح العلاء في سفارته ودعوته أعظم نجاح واستطاع أن يستنقذ البحرين من السيطرة الفارسية بلا قتال بإسلام عامل الفرس عليها المنذر بن ساوي، وأسلم جميع العرب بالبحرين، ثم أصبح أمير وعامل الرسول-صلى الله عليه وسلم- على الصدقات على البحرين.
موضع ثقة
ــــــــــــــــــ وكان العلاء موضع ثقة الرسول-عليه الصلاة والسلام- وأثبتت أعماله أنها كانت في موضعها، فقد أحسن في ولايته غاية الإحسان كما أحسن في تولي الصدقات، وكان أحد كتاب النبي-صلى الله عليه وسلم- في كتابة الوحي القرآني ورسائله النبوية، وهناك نصوص في بعض الكتب النبوية كتبها العلاء، وكان من عمال الخليفة أبي بكر الصديق- حتى توفى أبوبكر، فأقره عمر بن الخطاب وأثبت نجاحا وكفاية في إدارة ولايته.وبرزت شخصيته القيادية وحبه للجهاد في سبيل الله والفتح عندما توفي الرسول-صلى الله عليه وسلم- وارتد أهل البحرين كما ارتد غيرهم في سائر شبه الجزيرة العربية، إذ عاد الى ابي بكر الصديق-رضي الله عنه- ولما عقد الخليفة أبو بكر أحد عشر لواء لحرب المرتدين كان أحدها للعلاء وأمره بالبحرين لحرب المرتدين في تلك المناطق وما حولها، وسار العلاء على رأس جيشه الى البحرين على طريق الدهناء ليصل الى البحرين من أقصر طريق وهي صحراء مخوفة خالية من الماء والمرعي فلقي ورجاله صعوبات ومشقة حتى أصبحت حياته وحياتهم في خطر عظيم، واستطاع استعادة فتح البحرين كافة عنوة وخاض عدة معارك للقضاء على المرتدين.
أهم المعارك ودوره فيها
غزو البحرين
ـــــــــــــــــ ويظهر مبدأ المباغتة في غزوه للبحرين في حروب الردة فقد باغت أهل البحرين بعد أن وصل إليه الخبر بأنهم سكارى فاغتنم هذه الفرصة ليسجل نصراً عظيماً عليهم.بعث الصديق رضي الله عنه العلاء بن الحضرمي إلى البحرين فلما دنا منها جاء إليه ثمامة بن أثال في محفل كبير وجاء كل أمراء تلك النواحي فانضافوا إلى جيش العلاء بن الحضرمي فأكرمهم العلاء وترحب بهم وأحسن إليهم وقد كان العلاء من سادات الصحابة العلماء العباد مجابي الدعوة اتفق له في هذه الغزوة أنه نزل منزلا فلم يستقر الناس على الأرض حتى نفرت الإبل بما عليها من زاد الجيش وخيامهم وشرابهم وبقوا على الأرض ليس معهم شيء سوى ثيابهم وذلك ليلا ولم يقدروا منها على بعير واحد فركب الناس من الهم والغم ما لا يحد ولا يوصف وجعل بعضهم يوصي إلى بعض فنادى منادي العلاء فاجتمع الناس إليه فقال:
أيها الناس ألستم المسلمين؟ ألستم في سبيل الله؟ ألستم أنصار الله؟ قالوا: بلى.
قال: فأبشروا، فوالله لا يخذل الله من كان في مثل حالكم.
ونودي بصلاة الصبح حين طلع الفجر فصلى بالناس فلما قضى الصلاة جثا على ركبتيه وجثا الناس ونصب في الدعاء ورفع يديه وفعل الناس مثله حتى طلعت الشمس وجعل الناس ينظرون إلى سراب الشمس يلمع مرة بعد أخرى وهو يجتهد في الدعاء فلما بلغ الثالثة إذا قد خلق الله إلى جانبهم غديرا عظيما من الماء القراح فمشى ومشى الناس إليه فشربوا واغتسلوا فما تعالى النهار حتى أقبلت الإبل من كل فج بما عليها لم يفقد الناس من أمتعتهم سلكا فسقوا الإبل عللا بعد نهل فكان هذا مما عاين الناس من آيات الله بهذه السرية ثم لما اقترب من جيوش المرتدة وقد حشدوا وجمعوا خلقا عظيما نزل ونزلوا وباتوا متجاورين في المنازل.فبينما المسلمون في الليل إذ سمع العلاء أصواتًا عالية في جيش المرتدين فقال:
هل من رجل يكشف لنا خبر هؤلاء، فقام عبد الله بن حذف فدخل فيهم فوجدهم سكارى لا يعقلون من الشراب، فرجع إليه فأخبره؛ فركب العلاء من فوره والجيش معه فقتلوهم قتلا عظيما، وقلَّ من هرب منهم، واستولى على جميع أموالهم وحواصلهم وأثقالهم فكانت غنيمة عظيمة جسيمة.
ثم شرع العلاء بن الحضرمي في قسم الغنيمة ونقل الأثقال وفرغ من ذلك وقال للمسلمين: اذهبوا بنا إلى دارين لنغزو من بها من الأعداء، فأجابوا إلى ذلك سريعا.
فسار بهم حتى أتى ساحل البحر ليركبوا في السفن، فرأى أن الشقة بعيدة لا يصلون إليهم في السفن حتى يذهب أعداء الله فاقتحم البحر بفرسه وهو يقول:
يا ارحم الراحمين يا حكيم يا كريم يا أحد يا صمد يا محيي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام لا إله إلا أنت يا ربنا .. وأمر الجيش أن يقولوا ذلك ويقتحموا ففعلوا ذلك فأجاز بهم الخليج بأذن الله يمشون على مثل رملة دمثة فوقها ماء لا يغمر أخفاف الإبل ولا يصل إلى ركب الخيل ومسيرته للسفن يوم وليلة فقطعه إلى الساحل الآخر فقاتل عدوه وقهرهم واحتاز غنائمهم ثم رجع فقطعه إلى الجانب الآخر فعاد إلى موضعه الأول وذلك كله في يوم ولم يترك من العدو مخبرا، واستاق الذراري والأنعام والأموال ولم يفقد المسلمون في البحر شيئا سوى عليقة فرس لرجل من المسلمين.
ومع هذا رجع العلاء فجاءه بها ثم قسم غنائم المسلمين فيهم فأصاب الفارس ألفين والراجل ألفا مع كثرة الجيش وكتب إلى الصديق فأعلمه بذلك فبعث الصديق يشكره على ما صنع وقد قال رجل من المسلمين في مرورهم في البحر وهو عفيف بن المنذر ... ألم تر أن الله ذلل بحره ... وأنزل بالكفار إحدى الجلائل ...
دعونا إلى شق البحار فجاءنا ... بأعجب من فلق البحار الأوائل
إرادة قوية وبصيرة وغزوة فارس
ـــــــــــــــــــــــــ وذكرت المصادر انه عرف بالشجاعة والإقدام والورع والإيمان العميق وكان صاحب إرادة قوية وبصيرة وبعد نظرومعرفة بالرجال والرغبة الشديدة في خدمة الإسلام، وحدث أنه لما ظفر سعد بن أبي وقاص بأهل القادسية وأزاح الأكاسرة جاء بأعظم مما فعله العلاء في حرب الردة، فأراد العلاء أن يصنع بالفرس شيئا ويحرز النصر عليهم كنصر سعد على الفرس في القادسية التي كانت عام 14 هجريا من دون أن يفكر في مغبة المعصية وأهمية الطاعة، اذ كان عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- قد نهاه عن الغزو في البحر ونهي غيره اتباعا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- وابي بكر -رضي الله عنه- خوفا من أخطار ركوب البحر بلا كفاية خاصة وتجربة طويلة بركوبه، ولكن العلاء ندب الناس إلى فارس فأجابوه، وكان معه خليد بن المنذر بن ساوي، والجارود بن المعلى، وسوار بن همام، فأمرهم على الجند، وعبرت الجنود من البحرين إلى فارس، لكن أهل فارس تمكنوا من قطع خطوط رجعة المسلمين وبين سفنهم، فقام خليد في الناس فخطبهم وهاجموا الفرس وقاتلوهم قتالا شديدا بمكان يدعي طاؤوس فقتل سوار والجارود، وقتل من أهل فارس أعداد غفيرة، ثم خرج المسلمون يريدون البصرة فلم يتمكنوا من الرجوع الى البحر، واضطروا بسبب تفوق الفرس الساحق، أن يعسكروا ويتحصنوا، ولما بلغ عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- عن صنيع العلاء من بعثة ذلك الجيش في البحر اشتد غضبه عليه وكتب إليه بعزله وتوعده، وأمره بتأمير سعد بن أبي وقاص عليه الذي كان ينافسه في الفتح وخدمة الإسلام.
وأرسل عمر بن الخطاب الى عتبة بن غزوان أمير البصرة بانفاذ جند كثيف من المسلمين الى المسلمين المحاصرين بفارس قبل أن يهلكوا، وأرسل عتبة جيشا كثيفا من البصرة الى فارس في اثني عشر ألف مقاتل، والتقي الجانبان وفتح الله على المسلمين بعد قتال مرير، وتمكن العلاء من فتح أسيافا من فارس، وبالرغم من إخفاق حملته، فإنها قدمت تجارب عسكرية جديدة للمسلمين الفاتحين فعرفوا منطقة فارس معرفة عملية وخبروا طاقات الفرس وأساليبهم في القتال مما مهد لفتح فارس بسهولة ويسر في مدة قصيرة.
ورجحت المصادر أن عمر ولاه البصرة بعد موت عتبة بن غزوان وعزله عن البحرين بعد إخفاق حملته على أرض فارس ومخالفته لأمر عمر في عدم ركوب البحر، فكان عزله عن البحرين عقابا له. وكان العلاء من سادات الصحابة العلماء العباد، ويقال إنه كان مستجاب الدعوة وله كرامات وتوفي عام 14 هجريا بنياس من أرض بني تميم، وذكر البعض إنه تأخر الى سنة إحدى وعشرين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق