الاثنين، 26 فبراير 2018

الأمن يعني الاستيطان بقلم الاسير الفلسطيني كميل أبو حنيش

"الأمن يعني الاستيطان "

بقلم
الأسير الفلسطيني كميل أبو حنيش

26 شباط / فبراير 2018

هذا العنوان هو أحد أهم المقولات التي سنها مهندس دولة الكيان "دافيد بن غوريون" حينما قال: (الأمن معناه الاستيطان وفي السطر الأول احتلال القفر)، فهذه المقولة تلخص جوهر الصهيونية كحركة استيطانية عدوانية تتقاطع مع كافة سياسات وممارسات المجتمعات الاستعمارية التي عرفها التاريخ، ويقول أستاذ الجغرافيا السياسية في جامعة بن غوريون "أورن يفتاحئيل" في كتابه الإثنوقراطية: (في جميع أنماط المجتمعات الاستيطانية تبلور بما يعرف بثقافة التخوم التي تمجد الاستيطان والتوسع فيها).

وإسرائيل ليست استثناءً لما عرفه التاريخ من أنماط استيطانية، فالاستيطان يقوم على أساس إحلال جماعة بشرية مكان السكان الأصليين، مع الاستمرار في نهب الأرض وتهجير السكان مما يولد بالضرورة مقاومة من جانب الشعوب التي تتعرض بلادها للاستعمار.
وباعتبار المجتمعات الاستيطانية عدوانية بطبيعتها وتنطوي ممارساتها على تمجيد القوة واكتساب المزيد منها وهو ما تسميه الأمن، وكأنه لا يحق للشعوب التي تتعرض للسلب أن تقاوم وتدافع عن وجودها، وبهذا تسمي هذه المجتمعات الاستيطانية ممارساتها أمناً أما دفاع الشعوب عن حقوقها يسمى إرهاب.
والحركة الصهيونية ليست حركة تحرر وطني كما حاول الصهاينة تسويقها وإنما حركة استعمارية تخفي في أعماقها الجانب الرجعي والعدواني الاستعماري والمناهض للحرية والديمقراطية والتقدم، ويلخص " باروخ كيمرلينغ" أحد علماء الاجتماع الإسرائيليين الصهيونية بأنها (حركة هجرة واستيطان) فهذا التعريف ينفي عن الصهيونية صفة التحرر الوطني وينفي عن إسرائيل وجهها التقدمي الحضاري والديمقراطي ويضعها في إطار الحركات الاستعمارية العالية، أما المؤرخ الإسرائيلي "إيلان بابيه" في كتابه "فكرة إسرائيل" فيقول: (لن يكون هنالك من وصف للصهيونية أقرب من كونها مشروعاً كولونيالياً يستمر من القرن التاسع عشر حتى الآن باقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بكل طريقة ممكنة).
وهذا المشروع الاستعماري بدأ مباشرة من خلال الاستيلاء على الأرض وتنظيم الهجرات اليهودية المكثفة وإقامة عشرات المستوطنات، وساعد الاحتلال البريطاني لفلسطين بتوسع المشروع الصهيوني بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، يجري تتويج هذا المشروع بعملية التطهير العرقي في عام 1948 حيث سيطرت العصابات الصهيونية على 78% من فلسطين ودمرت ما يربو على 500 قرية فلسطينية وهجرت أكثر من 800 ألف فلسطيني، أما ما تبقى من فلسطيني المناطق التي باتت تعرف مناطق 48 فقد فرضت إسرائيل عليهم الحياة تحت الحكم العسكري الذي استمر حتى أواخر الستينيات بعدما صودرت معظم أراضيهم ولا زالت حتى اليوم تصادر الأرض وتجري عملية إقصائهم وتهميشهم وإفقارهم ويتم التعامل معهم بخطر أمن، وتحت هذه الذريعة تستمر عملية الاستيطان المكثف في مناطق سكنهم مثلما يجري في الجليل والاستمرار بتدمير بلداتهم ومصادرة أراضيهم كما يجري حالياً في النقب.
كان "ثيودور هرتزل" مؤسس الحركة الصهيونية وصاحب مشروع الدولة اليهودية قد عرف وظيفة هذه الدولة وماهيتها بوصفها مشروعاً استعمارياً يهودياً يتقاطع بالضرورة مع المشروع الاستعماري العالمي، حيث كتب هرتزل في كتابه المعروف "الدولة اليهودية" العبارة التالية: (الدولة اليهودية ستكون قلعة متقدمة أمامية للحضارة الغربية في وجه بربرية الشرق)، وبهذا حدد هرتزل ماهية هذه الدولة بوصفها دولة وظيفية في خدمة المشاريع الاستعمارية الغربية، سواء كانت هذه المشاريع بريطانية أو فرنسية أو أمريكية، ويضيف "إيلان بابيه" بذات الكتاب: (إن إسرائيل دولة كولونيالية تسير بالقرن العشرين، ولا تزال قائمة لأنها تخدم أغراض الولايات المتحدة ولأنها تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد الرأسمالي العالمي فلم يعد هنالك أي بعد أخلاقي في الدعم العالمي المقدم لها، وحين يبدأ الجانب الوظيفي من الدعم بالتراجع فإن الكفة ستميل لتحقيق السيناريو الذي رآه مفكري ما بعد الصهيونية الذي يتمثل في دولة منبوذة تقوم على نظام فصل عنصري).
إذاً هذا هو التعريف الذي وضعه الآباء المؤسسين للصهيونية ولمشروعها الاستيطاني المتمثل بإسرائيل، وهو ما أجمع عليه معظم المفكرين والمؤرخين الإسرائيليين، حيث يلخص هذا التعريف جوهر الصهيونية وإسرائيل باعتبارها كياناً استيطانياً تلعب دوراً وظيفياً، وهي سمة تشترك بها كافة المجتمعات الاستيطانية في التاريخ، ومفكرو الصهيونية ومؤسسو إسرائيل آبائها الأوائل والحاليين ومختلف نخبها السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والأكاديمية يدركون أن دولتهم تلعب دوراً وظيفياً في خدمة المشروع الاستعماري قديماً وحديثاً، وبما أن إسرائيل دولة استيطانية توسعية تنتمي لنمط المجتمعات الاستيطانية فإنها تعيش على الخوف والهواجس باعتبارها كياناً غريباً عن المنطقة، ليس لها تاريخ ولن تتطور بشكل طبيعي، لهذا تلجئ لمواصلة حشد المهاجرين والتوسع على حساب السكان الأصليين والاستمرار في تكريس وسائل القوة، وبهذا يصبح الاستيطان هو الغاية والوسيلة، وتستمر عملية نهب الأرض وتضيق الخناق على الفلسطينيين الذين سيظلون يشكلون تهديداً أمنياً لهذا المجتمع سواءً قاوموا أو لم يقاوموا، لأن مجرد وجود الشعب الفلسطيني على الأرض فإن ذلك يعتبر معرقلاً لتطور المجتمع الاستيطاني الصهيوني.
والمجتمعات الاستيطانية لا تسعى لتطوير المنطقة أو المساهمة في ازدهار السكان الأصليين كما تحاول أن تقدم نفسها، وإنما تسعى هذه المجتمعات لاجتثاث المجتمعات الأصلية من المكان إما من خلال الإبادة كما حدث في القارة الأمريكية الشمالية واستراليا، أو من خلال التطهير العرقي كما جرى في فلسطين عام 1948، ويقول "أورن يفتاحئيل" في كتابه الإثنوقراطية: (على النحو الذي هو عليه المجتمع اليهودي في إسرائيل تتبع المجتمعات الاستيطانية إستراتيجية قصديه للهجرة والاستيطان بهدف تغيير التركيبة للبلاد)، وهو ما جرى بالضبط في كافة المجتمعات الاستيطانية كالولايات المتحدة وكندا واستراليا ونيوزلندا وبالطبع إسرائيل.
إسرائيل تنتمي لذات نمط المجتمعات الاستيطانية الإحلالية التي تهدف إلى إجلاء السكان الأصليين وإحلال مهاجرين غرباء مكانهم، لكن ما يميز إسرائيل عن المجتمعات الاستيطانية الأخرى هي الأيديولوجية الصهيونية التي تتغذى على أساطير يهودية توراتية خطيرة كالإبادة والوعد الإلهي والحق التاريخي.
لنتوقف قليلاً عند بعض المقولات التي قالها "بن غوريون" وهذه مقولات تضع الحجر الأساسي للإستراتيجية الاستيطانية الصهيونية والتي لا تزال تسير على هديها كافة الحكومات والأحزاب والقادة ولا فارق إن كانت تنتمي إلى اليمين أو اليسار الصهيوني، وهي تلخص مجمل السياسات الثابتة للعملية الاستيطانية والمرتبطة بالمسألة الأمنية، يقول "بن غوريون" قبل حرب العام 1948 : (إذا لم نصر على الصحراء فلن تصمد تل أبيب، وجود النقب قد يكون حقيقياً أكثر من تل أبيب)، إن إصرار "بن غوريون" على النقب يعكس إصرار الصهيونية على السيطرة على كامل فلسطين، لأن صحراء النقب تشكل ثلثي مساحة فلسطين كما أنها تشكل عمقاً استراتيجياً للدولة المزمع إنشائها، وهذا ما حدث بعد 1948 حيث سيطرت العصابات الصهيونية على كامل صحراء النقب، ويواصل "بن غوريون" رسم الإستراتيجية الاستيطانية المرتبطة بالأمن، حيث يقول في خطاب له بعد الحرب عام 1948 بأشهر قليلة: (سوف يعتمد أمن إسرائيل على القوات المسلحة، فأساليبنا في الاستيطان سوف تبرر أمن الدولة على نحو لا يقل عن إقامة الجيش الاستيطاني الزراعي على امتداد الحدود، سلسلة من المزارع في الشمال وعلى الساحل وعلى امتداد الأردن وفي النقب هو الذي سيكون بمثابة الدرع الحصين من أجل حماية البلاد من أي هجوم خارجي، ليست قلاع حجرية صامتة وإنما

العمل والجدار البشري المنتج، إنه الجدار الوحيد الذي لن تردعه أو تهدمه قوة نيران العدو الذي يحمي حدود بلده)،وفقاً لهذه المقاربة فإن الاستيطان هو من يقرر أمن الدولة وليس القوة العسكرية وحدها، وقد سماه "بن غوريون" بالجيش الاستيطاني الزراعي الكثيف على امتداد الحدود أو الجدار البشري المنتج.
وفي خطاب آخر له عام 1950 قال: (الاستقلال والأمن والهجرة لا يمكن أن تتحقق من غير هذا الفتح الرئيسي الذي سوف يحقق وجودنا وحريتنا وقوتنا واقتصادنا, إنه فتح الأرض وتخليص هذه التربة)، نتذكر أن ما قاله "بن غوريون" جاء بعد عامين من إعلان الاستقلال وبهذا نفهم أن ثلاثية الاستقلال الأمن الهجرة هي عبارة عن عملية متواصلة في الزمان والمكان وهذا يعني استمرار عملية الاستيطان والاستيلاء على الأرض وتخليصها من أيدي أصحابها الشرعيين، وهو ما أسماه بفتح الأرض وهذه العبارة تلخص جهر إسرائيل ككيان استيطاني لن يتوقف يوماً واحداً عن مواصلة نهب الأرض, إن المجتمعات الاستيطانية لا يمكنها أن تكون ديمقراطية حتى وإن تظاهرت بذلك، فبمجرد كونها مجتمعات استيطانية تقوم على أنقاض الشعوب فإن ذلك يتنافى بالمطلق مع مزاعم الديمقراطية التي تحاول إسرائيل نسبها لنفسها على الدوام.
وفي إسرائيل التي تتأسس على إستراتيجية استيطانية عدوانية ولا فارق في هذه الحالة بين ما يسمى اليسار أو اليمين أو الوسط، فكل من جاؤوا بعد "بن غوريون" ساروا على هدى هذه الإستراتيجية، ولم يتوقف الاستيطان يوماً واحداً سواء في عهد الحكومات اليمينية أو العلمانية أو المركز أو المختلطة، لنستمع إلى ما قاله "إسحاق شامير" في خطاب له في الكنيست في حزيران عام 1991 حيث قال عن الاستيطان: (هذا هو هدفنا الإقليم بأكمله، ينبغي عدم التطفل عليه أو تجزئته هذا مبدأ بديهي لا يخضع لأي جدال، ينبغي أن لا تسأل لماذا هذه الأرض لنا، لا يتطلب ذلك أي شرح، هل هنالك أية أمة أخرى تجادل في وطنها بحجمه، بمفعوله، بعرضه وفي إقليمه والمساومة عليه أو في أي شيء شبيه بذلك)، هذه هي فلسفة الاستيطان الصهيوني الإقليم بكامله، وبالتالي فإن هذه الفلسفة لا تخضع للجدال وسيادة هذه الحكومة وعمل كافة الحكومات الإسرائيلية بصرف النظر عن من يقودها، فـ"شامير" مثل "بن غوريون" يسمي الأشياء بمسمياتها ولا يراوغ ويلجأ إلى سياسة تدوير الزوايا كــ"بيريس" أو "رابين" أو "باراك" أو "أولمرت" أو "نتنياهو" أو بقية قادة إسرائيل أو المنظرين لها من خارج المجتمع الصهيوني.
إن هذه الإستراتيجية كما رسمها "إسحاق شامير" هي ذاتها إستراتيجية "بن غوريون" وهي ذاتها التي تقوم عليها إسرائيل منذ إنشاء أول مستوطنة حتى اليوم، وهي تتقدم بخطى حثيثة دون أن تعبأ الانتقادات الدولية أو لمشروع تسوية أعطى نظرياً دولة للفلسطينيين، أما عملياً فإن إستراتيجية الاستيطان تسعى لالتهام الأرض وإفراغها من أهلها الشرعيين، وهو ما يلخصه "أورن يفتاحئيل" في كتابه سالف الذكر: (مازال منطق التهويد يعتبر أساسياً من أجل التوجه إلى الهدف وهو اكتساب القوة)، فالاستيطان يعتبر مسألة أساسية لاكتساب القوة، ثمة جدلية بين الاستيطان والقوة، فالاستيطان هدفه اكتساب القوة وتحقيق الشعور بالأمن، أما امتلاك القوة فغايتها المزيد من التوسع الاستيطاني، وبدون هذه الجدلية تفقد إسرائيل طابعها الصهيوني التوسعي.
يشكل الفلسطينيين العرب قرابة 20% من مجمل السكان في إسرائيل، لكن مساحة الأرض التي يسيطرون عليها لا تزيد عن 3%، والفلسطينيون بشكل عام يشكلون حالياً 46% من سكان ما بين نهر الأردن والبحر المتوسط، وقد غدوا محصورين في جيوب متفرقة تغطي نحو 14% فقط من مساحة فلسطين، والأهم بالنسبة لإسرائيل هو الاستيطان، فالسلام بالنسبة لها لا يجري بالأمن وإنما يجلبه الاستيطان وتحويل إسرائيل لقلعة استيطانية قوية، وهذه العملية الاستيطانية مستمرة لذلك فإن مشروع استكمال تهجير الفلسطينيين عن أرضهم سيظل قائماً.
لقد مارست إسرائيل منهجية الاستيطان باعتبارها عملية أولية في كل مكان وصل احتلالها إليه، كسيناء والجولان والضفة والقدس وغزة باستثناء لبنان التي اندلعت بها مقاومة مباشرة مع جيشها الغازي لكن الاستيطان تقهقر بفعل المقاومة، فحرب 1973 أوقفت عملية الاستيطان في سيناء والمقاومة لبنانية منعت إسرائيل من مجرد التفكير بالاستيطان، بغزة أُجبرت إسرائيل على إخلاء مستوطناتها بفعل المقاومة العنيفة.
لقد صوت مركز حزب اليكود مؤخراً لصالح ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، وثمة مشروع قانون سيقدم للتصويت عليه في الكنيست لضم الضفة إلى إسرائيل، سواء جرت عملية إقرار القانون أم تم تأجيلها انتظاراً لظرف أكثر ملائمة فإن ذلك يُؤكد أن إسرائيل ماضية في نهجها الاستيطاني علماً بأن 52% من مساحة الضفة تعتبرها إسرائيل أراضي دولة تسيطر عليها بالكامل، وكما أسلفنا فإن الفلسطينيين حالياً في الضفة وغزة والقدس وفي مناطق 48 يسيطرون فقط على 14% من الأرض، وأنهم يشكلون نسبة تصل إلى نصف عدد السكان، وهذه المساحة تتقلص بفعل العملية الاستيطانية المتواصلة في كامل أرض فلسطين في الجليل والمثلث والنقب والضفة والقدس.
يتعين علينا كفلسطينيين أن نغير خطابنا بشأن الاستيطان وعدم التركيز على مواجهته في الضفة والقدس، لأن العملية الاستيطانية من المنظور الصهيوني هي عملية متكاملة لا تتجزأ، حيث تمكنت إسرائيل من جرنا إلى مربع الجدل بشأن الاستيطان بين ما هو شرعي وما هو غير شرعي، فبعد العام 1967 تركز خطابنا على مواجهة الاستيطان في الضفة وغزة والقدس، وبعد بناء الجدار وضم الكتل الاستيطانية في الضفة والقدس يجب التركيز على المستوطنات التي بقيت خلف الجدار، وحالياً يتركز الجدل الصهيوني حول مسألة البؤر الاستيطانية في محاولة تكريس الجدل حول الاستيطان الشرعي والاستيطان غير الشرعي، وبهذا فإن إستراتيجية التميز بين أشكال الاستيطان هي موجهة للعالم بهدف ذر الرماد بالعيون وكسب المزيد من الوقت لابتلاع ما تبقى من الأرض الفلسطينية.
أما الهواجس الأمنية فهي حقيقية وليست مفتعلة حتى وإن جرى اتخاذها كذرائع لمواصلة تهويد الأرض، ولا يمكن لإسرائيل القبول لأغلبية عربية على أرض فلسطين، وفي الوقت الراهن يجري حصر التجمعات العربية في جيوب تطوقها المستوطنات من كل جانب، ومواصلة عملية إفقارهم وتهميشهم والحد من تطورهم بهدف إجبارهم على الهجرة بانتظار ظرفٍ مناسبٍ لارتكاب المزيد من عمليات التهجير الجماعي كما حدث في نكبة 1948، لكن حقائق التاريخ والجغرافيا ليست لصالح إسرائيل عبر عقود من الصراع من اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه، فالمجتمع الاستيطاني الصهيوني يعاني من اختناق استراتيجي في ظل حالة من العداء المتنامي ضده في المنطقة بل وفي العالم، فدولة الكيان حولت نفسها لقلعة محاطة بالأسوار وما فتأت تكدس من وسائل القوة العسكرية لا يمكنها استخدامها بحق الفلسطينيين، وهذه القوة باتت مكبلة إزاء العوامل المختلفة أبرزها المقاومة الفلسطينية والعربية، كما أن التوسع الاستيطاني خارج القدس لم يعد متاحاً وهذا يعبر عن مأزق حقيقي لا يبشر إلا بالمزيد من الحروب، وما تخشاه إسرائيل هو هزيمتها بإحدى الحروب الأمر الذي سيجبرها على التقهقر الالتفاف إلى الخلف، كأن تضطر لإخلاء الجولان أو الضفة الغربية، وقد يقود ذلك إلى انفجار عدد من الأزمات الداخلية المؤجلة في المجتمع الاستيطاني الصهيوني، مما يضرب في الصميم قدس أقداس إسرائيل المتمثلة بالقضية الأمنية التي يقوم على أساسها الاستيطان .

   بقلم الاسير الفلسطيني كميل ابو حنيش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق