الخميس، 4 أكتوبر 2018

الخلود الشاعر مصطفى الحاج حسين

الخلود ...

           شعر : مصطفى الحاج حسين .

يَقطِفُنِي الوَقتُ

وأنَا ألملِمُ أطرَافَ نَبضِي

وَأُخَبِّئُ مَاعِندِي من أحلامٍ

وأمانِيَ لَمْ تَتَحَقَّقْ بَعد

أَصدُّ الزَّمَانَ

وَأُغلِقُ بَابِي في وَجهِهِ

لَكِنَّهُ يَنفُذُ مِنْ خَلايَا الجُدرَانِ

تُعطِيهِ نَافِذَتِي أَورَاقَ عُمرِي

لأَّنهَا تَخَافُهُ

وكُلُّ ما في البيتِ مِنْ أشيَاءٍ

يَفضَحُ أَمَامَهُ أسرَارِي

وَحدُهَا دَفَاتِرِي

تَنبَرِيَ لِتُدَافِعَ عَنِّي

وَتَتَحَدَّاهُ

بِمَا كَتَبتُ عَلَيهَا مِنْ قَصَائِد

تُدَافِعُهُ حُرُوفِي

تُعَارِكُهُ باستِمَاتَةٍ

تُمَزِّقُ خَدَّيهِ

وَتَشُجُّ رَأسَهُ الضَّخمَ

وأنا ..

أُرَاقِبُ مِنْ خِلالِ ارتِعَاشِي

وَتَسَمُّرِ صَوتِي

وَبُكَاءِ أنفَاسِي

لَوْ بإمكَانِي

أنْ أُبَلِّغَ عَنهُ الشَّرِطَة

لَكِنَّهُم لا يَهتَمُّونَ بِأمرِي

فَهُم لا يُحِبُّونَ الشُّعَراءَ

لَكِنْ مَنْ يَحمِيْنِي مِنْ هَذا الغُولِ ؟!

فَهُو مَارِدٌ عُملاقٌ

يَشبَهُ حُكَّامُنَا الأفذَاذَ

ذُو سَطوَةٍ

كَسَطوَتِهِم

ذُو قَسوَةٍ

كَقَسوَتِهِم

فَكَيفَ لِي بِالهَرَب ِ ؟!

وأَقدَامِي صَارَتْ لَيسَتْ لِي !!

رَغمَاً عَنِّي بَقِيتُ أنتَظِرُ

أُرَاقِبُ عَنْ كَثَبٍ

احتِدَامَ المَعرَكَةِ

ولا أعرِفُ

عَنْ مَاذا سَتُسفِرُ ؟!

وَحِينَ امتَدَّتْ يَدُهُ

ذَاتُ الأصَابِعِ الثُّعبَانِيَّةِ

لِتُمَرِّقَ الدَّفَاتِرَ

انخَلَعَ قَلبِي

وَجَنَّتْ دُمُوعِي

وخَارتْ رُوحِي

قَصَائِدِي حَصِيلَةُ مَوتِي

طِوالَ حَيَاتِي

زُبدَةُ دَمِي

حَصَادُ احتِرَاقِي

كَانَتْ أَورِدَتِي تَصرَخُ بِتَضَرُّعٍ

كَانَتْ أَنفَاسِي تَجثُو عِندَ قَدَمِيهِ

فَجأةً ..

وَمِنْ دُونِ تَوَقُّعٍ مِنِّي

وَمِنْهُ ..

شَاهَدتُ قَصَائِدِي

التِي كَتَبتُهَا بِحُبرِ دَمِي

تَثِبُ نَحوَهُ بِجُنُونٍ

وَشَرَاسَةٍ

هَاجَمَتهُ بِضَرَاوَةٍ

ضَرَبَتهُ بلا شَفَقَةٍ

بِفَدَاحَةٍ انهَالَتْ عَلَيهِ

فَمَا أَقوَاهَا قَصَائِدِي ؟!

مَا أشجَعَهَا ؟!

هِيَ قُوَّتِي وَعُنفُوَانِي

هِيَ قَامَتِي الَّتِي لا تَنحَنِي

هِيَ صَوتِيَ البَاقِي

هِيَ ذُرِّيَّتِي التي تُسَانِدُنِي

وتَحمِينِي مِنَ المَوتِ

وَهَا إنِّي أَرَاهَا تُهزِمُهُ

وَهَا إنِّي أرَاهُ يَتَقَهقَرُ أَمَامَهَا

يَتَرَاجَعُ مَذعُورَاً كَالفَأرِ

يَهرُبُ ..

وَدَمَهُ السَّائِلُ يَتبَعُهُ

حِينَهَا ..

تَقَدَّمَتْ مِنَّي قَصَائِدِي

أنهَضَتنِي مِنْ انهِزَامِي

وانحَنَتْ فَوقَ تَلَعثُمِي

تُقَبِّلُ يَدِي *

                        مصطفى الحاج حسين .
                               إسطنبول

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق