الأحد، 29 أبريل 2018

جبار في نيسان بقلم الشاعر عبد الزهرة خالد

(جبار)* في نيسان
—————
أشتقت لنورِ وجهكَ
ولن تعينني ريشةُ الألوان
لأثبتَ عينيكَ على جدارِ الدهر
خانتني أناملي
لأنّها بارعة بالشعر
لا برسمِ الوجوه على اللوحات …
***
هرمتُ وهرم ( القضاءُ والقدرُ ) معي
حتى أصبح هيكلاً من أنين
أثنى وأربعون ربيعاً
تشابكت فيها السنين
أنبتت لها فروعاً
في غابةِ الوحشة
كان بيتُ النسيانِ أوهنَ البيوت
بين أدغالِ الحديث
وغصون الشجون…
***
تسابقت دموعي
حينما تنفلتُ حرارةُ المدادِ من ناصيةِ القلم
على بساطِ الرثاءِ
وجاءت كلّ السطور
تشاطرني العزاء
كأن السرادق في يومٍ
تقاطرت عليه الرجال
وصداقات قديمة
تذرف على حزني
كلمات المواساة
لتبرد غليان الأسى …
***
جبار…
في كل نيسان
تفتح أزهارُ روحك
لنسماتِ الربيعِ
وعلى نوافذ لياليّ
لا شمس تمرّ ولا قمر ينير
تلك حال السنين بعدك
ما عادت تحسب من العصور
ولا فرح يكمل مشواره إنَّما ينتهي بحبات الدموع
تنثرها عيناي على أفواهِ النحيب
لأنّك الوحيد تتوسط حضني اليتيم
أداعبُ طيفكَ كلّما أحتاج اسمكَ يعطرُ الجفون
أنتَ الوليدُ في حياتي
تمخضَ بك حبّي ولم يمسسه بشر
***
جبار
أأتعبكَ الموت
أم سهر الجنان 
كلّ عام … أقول سألقاكَ
في أقربِ مكان
ربّما يكون على حافةِ القرطاس
لكن تخيب الأبجدية ظنّها
لأنّكَ أنت المنتظر
وأنا الخاسر
في تسديد ذمة الوعود…
***
في هذه اللحظةِ
عطست السماءُ 
وفاحت عطورُ الأرواح
تجري لساعاتٍ مسرعةً
ترافق زفراتي
بين الجَمعِ والفراق
تسألني أشعاري
أين هذه الجنان ؟
قلتُ لها تقصدينَ ( جبار )
إن روحاً مرّت من هنا
أمست أقرب الجيران
أو على مسافةِ دمعةٍ من زمان…
***
ذات حلمٍ يقظٍ
كان صمته يؤنسني وقرينه الكبير
يداعبني فوق حضنِ أمي
رأيته بعينيّ
يزحفُ من حفرةِ الموت
يبحثُ في ترابِ الدفن
لعلّه يجد روحه تسفسفُ غبارَ الكفن
كي يرتديه في أحلى زفةٍ
لأني أشتهيتُ اللقاء…
***
صدقني
لا أبغِ توديعكَ
مهما كلفني الثمن
بقيت أغلى وأعلى رصيد
أتعامل به خارجَ العمرِ في كل المحن
دعني أجدد مراثيك
لأني بدونك لا أشعرُ بالوطن
أنا … أنا الوحيد
في هذه الدنيا
عزّ عليّ الغياب
رغم أنّكَ لستَ مع الغائبين ،
أنا … أنا الوحيد
لا أرغب نهاية نسيان
لأنه الوجع الأكبر
تحج فيه أحزاني
كلّ عامٍ وأنا باسمى أسى
يعبر فيه الحنان…
***
عبدالزهرة خالد
البصرة /٢٩-٤-٢٠١٨

(جبار)* أخي الوحيد في المرحلة الثالثة كلية الزراعة - جامعة بغداد الذي وافاه الأجل ٢٩-٤-١٩٧٦ في حادث سيارة على طريق بغداد- ميسان .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق