السبت، 30 يونيو 2018

صائد العصافير الشاعر محمدعلى عاشور

صائد العصافير
قصة قصيرة بقلم / محمد على عاشور
منذ أن كان طفلا لم يستهوه شيء سوى العصافير ، منذ أن خطت قدماه أولى خطواتها على الأرض وهو يطاردها ، تعشق أذناه زقزقتها ، و تتعلق عيناه بها و. هى تطير فى السماء أو تقفز على الأرض أو تتنقل بين الأغصان ، و يراقبها و هى تدخل اعشاشها الموجود بين الجدار و سقف الدار المصنوع من الغاب وافرع الصفصاف .
كان يطير فرحا و هو يرى أفراخها قد فغرت فاها مستقبلة أمهاتها التى. تضع مناقيرها داخل تلك الأفواه الواسعة التى تصرخ طالبة  المزيد .
و عندما كان في السادسة من عمره كان يعاون جده فى صيدها وقت القيلولة ، فكان يقبع فى ركن الغرفة ممسكا بحبل رفيع متصل بشباك الغرفة ، و قد نثر الجد بعض الحبوب فى الأرض ليجذبها ، و ما أن تتجمع العصافير ، يجذب الحبل فينغلق الشباك  ، و يوقظ جده ليمسكا بالعصافير التى تحاول الفكاك فتتخبط فى الجدران   .
يأتي العشاء فيتناول لحمها الصغير اللذيذ .
عندما بلغ الثانية عشرة أصبح عنده سلم خاص لصيدها ، و كان يعلم مكان كل عش ، و عدد الافراخ ، و متى يمسكها قبل أن تطير ، فيصطادها و يأكلها .
كانت العصافير كل حياته ، لم يجر خلف كرة ، أو يهرول مع أقرانه فى لعبة ( الاستغماية ) أو صيد الأسماك بالصنارة .، فقط العصافير .
لفت انتباهه صراخ أفراخ فى عش صراخا متواصلا .
ظل واقفا أسفل العش ينظر إليه و يراقبه ، فلا يرى الأم تدخل أو تخرج ، بل صراخ متواصل ، صراخ فقط.
أحضر السلم ، ثم صعد فى بطء ، وصل إلى العش ،تسمر فى مكانه .
الأفراخ تصرخ و الأم ممدة فى العش ميته ، يسيل من فمها بع طعام  لم يأكله صغارها .
مد يده وسحب الأم ، أخذ يقلب فيها و يدور بها اسفل العش ، ينظر إليها تارة و تارة ناحية العش ، ثم أخذها ، و حفر لها حفرة و دفنها و جلس يقرأ عليها القرآن.
جلس أسفل العش رافضا كل دعوات أمه له بالطعام ، فصراخ الافراخ يطن فى أذنه.
أحضر بعض حبات القمح ، و غمسها فى لبن ، و وقف ينظر للأفراخ ، و أخذ يضع بين إصبعيه حبتين أو ثلاثة  ، ثم يضعها فى فم كل فرخ بهدوء .
أكلت الأفراخ ، و توقفت عن الصراخ ، مكث مدة يتطلع  إليها و هادئة كأنها ركنت إلى النوم .
ظل أياما يطعمها و يراها و هى تنمو و تسمن ، تستقبله و هو صاعدا إليها بالطعام ، و قد بدأت اجنحتها تنمو و تنمو استعدادا للطيران .
رأها تخرج من العش ، تحلق حوله و تزقزق   ، و تقترب منه و تبتعد .
وقف وسطها سعيدا ، ثم بدأ يلقى إليها بحبات القمح ، و يراها تلتقط و تطير و تدور حوله ثم تذهب إلى العش .
من وقتها لم يتوقف عن متابعتها ، لكنه توقف عن صيدها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق