الامة بحاجة الى عقول ر اجحة
ـــــــــــــــــــــ د. صالح العطوان الحيالي - العراق -21.8.2018
إن من خصائص الدين الاسلامي وممّا تميز به أنه دين لأولي الألباب والعقول الراجحة , فقد تميزت أحكامه الشرعية وما فيه من أوامر ونواهي ومن سُنن أنها كلها ذات حِكم ربانية تدعوا إلى الخير والرشاد وإلى صلاح الفرد والأسرة والمجتمع بل وحتى العالم أجمع .. فلو بحثنا في كافة الأديان الأخرى , لوجدنا أنهم غيّبُوا عقولهم عمّا فيها من أحكام ومن أوامر ونواهي ومن فرائض وتشريعات , فكانوا باِتبعاهم لها كالبهائم ( أعزكم الله ) وليس تشبيهي لهم بذلك تحقيراً.. وإنما هو ذاك حالهم ؛ لأنهم غيّبُوا عقولهم , وأعمَوُا أبصارهم , وصَمّوا آذانهم , فنفـّذوا ما في تلك الشرائع المحرفة والأديان المتخرفة , دون أي تفكير .. والبهائم ( أعزكم الله ) تُنفذ ما يأمُرها به راعيها وصاحبها دون تفكير بالعواقب .. تـُنفـّذ كل ما يُطلب منها سواء كان ذاك المطلوب أمر خير أو أمر شر ..ولكن شريعة الإسلام ما كانت كباقي الأديان .. فقد جعلت في أوامرها ونواهيها وأحكامها .. حِكماً جمة , وفوائداً كثيرة , وخيراً غير مُنقطع , تحقيقاً للمصالح الخاصة والعامة دون التعدي على حقوق الآخرين ومصالحهم ..لذلك كانت شريعة الإسلام ذات قبول عند كثير من الناس .. فمن عرفها لم يُنكرها , ومن فهمها لزمها .. لأنه عرف أنها الخير كله .. وفهم أنها الحق بعينه ..فالشريعة الغراء تدخل القلوب عن طريق العقول .. فلا تجعل من الإنسان إمّعة يتـّبع أحكاماً وأوامراً ونواهي لا يعرف لما يتـّبعها .. بل دخلت إلى القلوب من منافذه الصحيحة .. فهي بأحكامها وأوامرها ونواهيها تتلمس العقل الراجح , والفكر المُتفتح , والقلب المُنشرح .. فمن كان كذلك كان أشد الفاهمين لها , وأكثر العارفين بها , ولزمها أيّما إلتزام .. لأنه عرف أنها الحق وأنها هي السبيل للنجاة في الدنيا وما بعدها ..لو تعمقنا قليلاً لنضرب الأمثلة على دعوة الإسلام للفرد أن يتفكر في أحكام وحِكم هذه الشريعة الغراء العظيمة ..
فعن وابصةَ الأسديِّ ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا وابصة ، اسْتَفْتِ قلبَك ، واستفتِ نفْسَك ثلاث مرات ؛ البِرُّ ما اطمأنتْ إليه النفسُ ، والإثمُ ما حاكَ في النفْس ، وتَرَدَّدَ في الصدر ، وإنْ أفتاكَ الناسُ وأفتَوْكَ " * حديث صحيح رواه أحمد والدارمي , وصححه النوويّ .في هذا الحديث النبوي أمرنا نبينا الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - أن لا يكون الواحد منا إمعة يتبع أقوال الناس وفتاويهم حاجباً قلبه وعقله عنها .. حيث أن الفطرة الصحيحة .. أن يُحكّم الفرد المسلم عقله وقلبه في كل أمره , ويتبع الأمر الصواب الذي فيه الخير والرشد والصلاح , والذي في حالة كونه كذلك فإنه بالطبع سيكون هذا الأمر هو الذي يُحبه الله ويرضاه .. لأنه سبحانه وتعالى ما أنزل في هذه الشريعة الغراء إلى ما فيه صلاح الناس وصلاح الأنفس ..
ان الأمة التي لا تجيد حماية نفسها وتأمين قوتها وصيانة حاضرها وصياغة مستقبلها ورعاية مصالحها والحفاظ على ثروتها ومعاقبة سراقها والضرب بيد من حديد على يد فجارها، سترى بأن قطعان الذئاب المستوردين ..المسربين .. المدجنين .. في معسكرات المخططين الدوليين والإقليميين بمساعدة العملاء المحليين ، كحماة الديار المفجوعين بمثابة ” نزيف مادي وبشري لا ينضب ” سيكون حالها كما اشبهه في هذه القصة .ان قطيعا من الذئاب أصرعلى مهاجمة قطيع من الأغنام لأحد الرعاة في احد الارياف فكانت الخسائر (اربعة خرفان ) يوميا ، قرر الراعي على إثرها الاستعانة بأربعين رجلا ببنادقهم وفؤوسهم وخناجرهم وعصيهم لحماية قطيعه من الإبادة الجماعية بعد أن تناقصت أعداده بوتيرة سريعة على خلفية هجمات الذئاب الشرسة المستمرة بلا هوادة .
مر اليوم الأول – سلامات – إذ لم تتمكن الذئاب من قتل الخرفان الأربعة .. زغاريد …دبكات …إطلاق عيارات نارية في الهواء إبتهاجا بالمناسبة وذبائح !!
مر اليوم الثاني ” القطيع سالم مسلح ..أهازيج ..عزائم …ولائم و ذبائح ” .
مر اليوم الثالث ..الرابع ..الخامس …العاشر …الخامس عشر …ووووذبائح!!
في نهاية الشهر لم يتبق للراعي سوى خروفين فحسب ، قرر الاحتفاظ بالأول الى العيد السعيد ونحره صبيحة الأضحى لتوزيع ثلثيه بين المدافعين عن القطيع وثلث لنفسه وأهله ، فيما الثاني تم نحره بمناسبة نجاح ولده البكر في الدراسة الابتدائية بالدور الثالث الذي منح مكرمة الى الطلبة كمساعدة لهم ، وتوزيع لحمه مع – المعلاك والكلاوي والكرشة والفشافيش – بين حماة القطيع !!
كان الراعي ولشدة غبائه يذبح ويولم لحماة القطيع كل يوم 10 خرفان موزعة بين وجبات الفطور ، الغداء ، العشاء ،والبين بين وكان حماة الأغنام ولشدة لؤمهم وفجعهم وشراهتهم يأكلون الخرفان العشرة ويقولون هل من مزيد ، فكانت النتيجة 10خروف × 30يوما = 300 خروف ولو انه ظل على الذئاب لكانت النتيجة 120 خروفا فقط !! وبناء على ما تقدم فأن لم تكن في البرية ذئاب تهاجم القطيع الغافل وراعيه عما يحاك لهم من مؤامرات ويخطط لهم من دسائس فأعلم بأن دول الجوار الشرقية وبلاد الاستحمار الغربية سيأتيان لك بها عاجلا أم آجلا قريبا منك لتأكل بعضا من خرافك الضالة وترغمك على الاستعانة بـ” المستحمرين ” الغربيين او الشر قيين و ببعض فرسانك الضالين لحمايته فيباد القطيع عن بكرة أبيه، فيما تظل الذئاب المستوردة والمدجنة في معسكرات الغرب ” الحنون “والجوار الناري الملعون على قيد الحياة بانتظار قطيع خرفان جديد وحماة مسلحين جدد وغباء أجدد !! نسخة الى كل راع وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ، نحن بحاجة الى عقول راجحة وقلوب نيرة ونوايا حسنة وهمم صادقة وإرادة صلبة وأخلاق حميدة وووضمير ، حقا اننا بحاجة الى ضمير!! والضمير كما يقول هارون يحيى في كتابه الرائع (أهميّة الضمير في القرآن) هو ” هبة الله عز وجل للإنسان كما أنه دليل على وجود الله، فالقرآن الكريم والضمير هما دليلا الإنسان إلى الهدف الحقيقي من الحياة، ولاشك ان الانصياع الى الضمير باستمرار يهدي الى الخلق القرآني القويم الذي تسعد بتحكيمه البشرية جمعاء “.
كم قالوا في الضمير الحي الظاهر المتصل وكم ذموا الضمائر المستترة والمنفصلة والساكنة والغائبة من وجهة النظر الفكرية والأخلاقية والاجتماعية والفلسفية وليس النحوية بطبيعة الحال فذاك ضمير آخر غير الذي نعنيه ، كم نعوا فقدان الضمير الحي في عالم فوضوي شريعته الغاب ودستوره الظفر والناب ، فهذا بنجامين فرانكلين يقول عنه ” الضمير الصالح هو عيد مستمر “، وهذا فان كوخ يصفه بأنه ” بوصلة الانسان” ، وهذا بلزاك يقول فيه ” الضمير هو القاضي الذي لا يخطئ حتى نخنقه نهائيا” ، وهذا فكتور هوغو يقول ” الضمير هو صوت الله الموجود في الانسان”، وهذا نابليون يقول ” تنتهي سيادتي حيث يبدأ عمل ضميري”، وهذا ألبرت أينشتاين ” لا تقم أبداً بشيء يخالف ضميرك وإن طلبته الحكومة”، كيف لا وقد أولت حكم وامثال الشعوب مكانة كبرى للضمير وأسهبت فيه القول ومن اجمل ما قالت فيه ” المنطق يقودنا للأخطاء لكن الضمير لا يفعل أبداً” ، ” الضمير لا يمنعك من فعل الخطيئة لكنه يمنعك من الاستمتاع فيها” ، ” قد ينجو الشرير من عقاب القانون ولكنّه لا ينجو من عقاب الضمير” ، ” لا تنعقد محكمة الضمير إلا نادراً لغياب القاضي” ، ” كل ما يتطلبه الطغيان للوجود هو بقاء اصحاب الضمائر الحية صامتين”، ” الحكومة بطبيعتها ليس لها ضمير، وأحياناً يكون لها سياسة” .
الامة اليوم بحاجة الى أمرين اثنين، أولهما ضمير حي ظاهر متصل مع الله ومن ثم مع الناس اجمعين وثانيهما محاربة الضمير الساكن والمنفصل والمستتر والبحث عن ضمير الغائب عن الحق والعدل والرحمة والحب والأخوة وعن الناس اجمعين .
فمن غير المعقول ان تمشي وتعيش وتتحرك داخل مجتمع بلا ضمير ، إذ لا ضمير حي تجاه النازحين ، ولا ضمير حي تجاه المهجرين و المرحلين واللاجئين و الفقراء والمساكين ، تجاه الأيتام والمعاقين ،الأرامل والمسنين ، المرضى والعاطلين ، المظلومين والمعتقلين ، المحرومين والبائسين ، فالى أين نحن سائرون بلا ضمير يصل بنا في نهاية المطاف الى خلق رباني وقرآني وانساني مثالي قويم يضمن لنا حياة هانئة بلا ظلم ولا طغيان ولا حرمان ولا دخان ولا ضجيج ولا موت بالجملة يحصدنا كالخرفان ، يصدر لنا من أميركا و أوربا وإيران فضلا عن بعض المتخلفين والاستهلاكيين جدا من ..الجيران
د. صالح العطوان الحيالي
الاثنين، 27 أغسطس 2018
الامه بحاجه الى عقول راجحة الشاعر د.صالح العطوان الحيالي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق