خواطر فنجان القهوة :
.
صباح الخير :
.
الاربعون النووية --------- الحديث السادس
.
عن أبي عبدِ اللهِ النُّعمانِ بنِ بَشيرٍ رَضِي اللهُ عَنْهُما قالَ:( سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يقولُ: { إنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ
النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ
كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وإِنَّ حِمَى اللهِ
مَحَارِمُـهُ، أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ
أَلاَ وهِيَ الْقَلْبُ }) رواه البخاريُّ ومسلمٌ.
.
شرح مبسط للحديث
---------------------
.
إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ في هذا الحديث تقسيم للأحكام إلى ثلاثة أقسام
1 - حلال بيّن كلٌّ يعرفه. كالثمر، والبر، واللباس غير المحرم وأشياء ليس لها حصر.
2 - حرامٌ بيّن كلٌّ يعرفه. ، كالسرقة، وشرب الخمر وما أشبه ذلك.
3 - مشتبه لا يعرف هل هو حلال أوحرام ؟ وسبب الاشتباه فيها إما الاشتباه في الدليل وإما
الاشتباه في انطباق الدليل على المسألة فتارةً يكون الاشتباه في الحكم وتارةً يكون في محل الحكم.
* الاشتباه في الدليل: بأن يكون الحديث
أولاً: هل صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أم لم يصحّ عنه ؟
ثانياً: هل يدل على هذا الحكم أم لا يدل ؟
* وأما الاشتباه في محل الحكم: فهل ينطبق هذا الحديث على هذه المسألة بعينها أو لا ينطبق؟
فالأول عند الأصوليين يسمى تخريج المناط والثاني يسمى تحقيق المناط.
لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ يعني هذه المشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ويعلمهن كثير فكثير
لا يعلم وكثير يعلم ولم يقل لايعلمهن أكثر الناس، فلو قال لا يعلمهن أكثر الناس لصار
الذين يعلمون قليلاً.
إذاً فقوله لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيْرٌ مِنَ النَّاسِ إما لقلة علمهم وإما لقلة فهمهم وإما لتقصيرهم في المعرفة.
فَمَن اِتَّقَى الشُّبُهَاتِ أي تجنبها فَقَدِ اِسْتَبْرَأَ أي أخذ البراءة لِدِيْنِهِ فيما بينه وبين الله تعالى.
وَعِرْضِهِ فيما بينه وبين الناس، لأن الأمور المشتبهة إذا ارتكبها الإنسان صار عرضة للناس
يتكلمون في عرضه بقولهم هذا رجل يفعل كذا ويفعل كذا، وكذلك فيما بينه وبين الله تعالى.
.
وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فَي الحَرَامِ هذه جملة شرطية.
وَمَنْ وَقَعَ فَي الشُّبُهَاتِ أي فعلها وَقَعَ في الحَرَامِ هذه الجملة تحتمل معنيين
الأول: أن ممارسة المشتبهات حرام.
الثاني:أنه ذريعة إلى الوقوع في المحرم،وبالنظر في المثال الذي ضربه صلى الله عليه وسلم
يتضح لنا أي المعنيين أصح.
الراعى يَرْعَى حَوْلَ الِحمَى أي حول المكان المحمي،لأنه قد يُتخذ مكانٌ يُحمَى فلا يُرعَى فيه إما بحق أو بغير حق،والراعي حول هذه القطعة يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ أي يقرب أن يقع فيه،لأن البهائم إذا رأت ه عها، كذلك المشتبهات إذا حام حولها العبد فإنه يصعب عليه أن يمنع نفسه عنها.
وبهذا المثال يقرب أن معنى قوله مَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ أي أوشك أن يقع في الحرام، لأن المثال يوضح المعنى.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : أَلاَ أداة استفتاح،فائدتها التنبيه على ما سيأتي.
وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمَى أي كل ملك له حمى،والنبي صلى الله عليه وسلم لايريد أن يبين حكم حمى الملك هل هو حلال أو هو محرم؟ لأن من الحمى ما يكون حلالاً وما يكون حراماً فالمراد بالحمى في الحديث الواقع ومسألة الحمى على نوعين:
1 - إذا حماه لنفسه وبهائمه فهو حرام.
2 - إذا حماه لدواب المسلمين كإبل الصدقة وإبل الجهاد فهو حلال لأنه لم يختصه لنفسه فرسول الله قال: المُسْلِمُونَ شُرَكَاْءُ فِي ثَلاثَة: فِي الكَلأِ وَالمَاءِ وَالنَّارِ [67] رواه أبو داود والإمام أحمد.
.
أَلاَ وإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارمُهُ هذه جملة مؤكدة بـ (إن) وأداة الاستفتاح (ألا) والمعنى إن حمى
الله محارم الله فإياك أن تقربها لأن محارم الله كالأرض المحمية للملك لا يدخلها أحد.
أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةٌ هذه أيضاً جملة مؤكدةبـ (ألا) و(إنَّ) والمعنى
إن في جسد الإنسان مضغة أي قطعة لحم بقدر ما يمضغه الإنسان عند الأكل وهي بمقدارالشيء الصغير.إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ
الجزاء على الشرط،فمتى صلح القلب صلح الجسد،وإذا فسد القلب فسد الجسد كله.
وقد مثل بعض العلماء هذا بالملك إذا صلح صلُحت رعيته وإذا فسد فسدت رعيته
وهذا الحديث في الحقيقة حديث عظيم وفوائدة عظيمة ولكن يطول شرحه ولكن حاولت على قدر المستطاع وكل هدفى هو الاخذ بالحيث قولاً وفعلاً
.
اللهم ارزقنا الحلال الطيب يارب العالمين
.
بقلم --- دكتورة فتوح
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق